المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

458

وإن شئت فقل: إنّ الثقات قبل الكلينيّ لو سألنا أيّ واحد منهم هل كذبت في القضيّة الفلانيّة لقال: لا. فيثبت عدم كذبه بإخباره عن ذلك تعبّداً، وإذا أخبر عن عدم كذب نفسه فقد أخبر ولو بالقوّة بأنّه إن كانت ملازمة بين عدم كذبه وقول الإمام فقد قال الإمام كذا، وهذه الملازمة ثابتة باخبار الشيخ الكلينيّ، فيثبت المطلوب، وهو قول الإمام(عليه السلام)(1).

 


(1) إنّ روح الكلام الذي ذكره اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) يمكن أن تصبّ في عدّة صيغ:

الاُولى: أن يتمسّك بالمقارنة بين عدم كذب الوسائط وكلام الإمام المخبر بها من قبل الكلينيّ، بأن يقال: إنّ كلام الكلينيّ له دلالة التزاميّة على المقارنة بين عدم كذب الوسائط وصدور النصّ من الإمام، وعدم كذب الوسائط على تقدير السكوت ثابت بالوجدان، وعلى تقدير النطق ثابت بالتعبّد، وبهذا يثبت صدور النصّ من الإمام، والظاهر أنّ هذا هو مقصود اُستاذنا الشهيد(رحمه الله).

وقد يورد عليه: تارةً: بأنّ هذا يعني التمسّك بالدلالة الالتزاميّة من دون حجّيّة الدلالة المطابقيّة، وهذا خلف قانون تبعيّة الالتزاميّة للمطابقيّة في الحجّيّة.

وأجاب على ذلك اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) ـ على ما نقله السيّد الهاشميّ حفظه الله في تقريره عنه ـ بأنّ هذه التبعيّة إنّما تعني أنّ ملاك حجّيّة المطابقيّة ـ وهو الكشف عن المعنى المطابقيّ ـ لو بطل لانهارت حجّيّة الالتزاميّة أيضاً؛ لأنّ ملاك الكاشفيّة فيهما واحد، وفي المقام لم يحدث شيء من هذا القبيل.

واُخرى: بأنّ المدلول الالتزاميّ دائماً هو الحصّة الخاصّة المقيّدة بالملزوم، فالإخبار عن شرب زيد للسمّ إخبار بالملازمة عن موته الحاصل من شرب السمّ لا مطلق الموت، وفي المقام أيضاً يكون المدلول الالتزاميّ عبارة عن نصّ المعصوم على تقدير عدم كذب صفّار ـ مثلاً ـ لا مطلقاً، بل مقيّداً بصدور الإخبار من صفّار، فلابدّ من إثبات صدوره منه، وهذا رجوع مرّة اُخرى إلى المحذور.