المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

457

أمّا المقام الأوّل: فلإرجاع الإخبار مع الواسطة إلى الإخبار بلا واسطة تقريبان، أوّلهما هو المرضيّ عندنا دون الثاني.

التقريب الأوّل: أنّ الشيخ الكلينيّ(رحمه الله) مثلاً الذي ينقل خبراً ببعض الوسائط الثقات عن الإمام المعصوم(عليه السلام)، فهو وإن كان بالمطابقة ينقل خبراً بالوسائط عن الإمام لكنّه ينقل لنا بالملازمة قضيّة مانعة الخلوّ، وهي: أنّه إمّا أنّ أحد الوسائط الثقات قد كذب (والمقصود بالكذب مخالفة الواقع)، أو أنّ الإمام(عليه السلام)قد قال كذا، وأنّ الحكم الشرعيّ هو كذا، وإخباره عن هذه القضيّة التي هي على نحو مانعة الخلوّ إخبار عن حسّ وبلا واسطة؛ لأنّه قد سمع الراوي المباشر له حسّاً عند نقله لهذا الخبر، فلو لم يكن كاذباً، ولم يكن أحد الوسائط الآخرين كاذباً فالحكم ثابت من الإمام حتماً، ولو لم يكن الحكم صادراً من الإمام فقد كذب الراوي المباشر، أو أحد الوسائط الآخرين؛ إذ لا شكّ لدى الكلينيّ(رحمه الله) في صدور هذا الخبر عن الراوي المباشر له. وكلّ قضيّة مانعة الخلوّ تنحلّ إلى قضيّتين شرطيّتين مقدّمهما نفي أحد الطرفين وتاليهما إيجاب الطرف الآخر. إذن فالكلينيّ(رحمه الله)يخبر عن حسّ بقضيّة شرطيّة، وهي: أنّه لو لم يكذب أحد الوسائط فقد صدر هذا الحكم من الإمام(عليه السلام)، فيشمله دليل حجّيّة خبر الثقة؛ إذ لا فرق في حجّيّة خبر الثقة بين الإخبار عن كلام الإمام مطلقاً، والإخبار عنه على تقدير، كما في المقام حيث أخبرنا الكلينيّ عن كلام الإمام على تقدير عدم كذب أحد الوسائط الثقات، وهذا التقدير ثابت لنا بنحو ملفّق من الوجدان والتعبّد؛ لأنّ هذا الحديث إمّا أنّه لم يصدر من أحد من الوسائط فهم غير كاذبين وجداناً، أو صدر من بعضهم، أو جميعهم فهم غير كاذبين تعبّداً، فإذا ثبت الشرط بنحو ملفّق بين الوجدان والتعبّد، أو قل: ثبت الشرط بالتعبّد؛ لأنّ النتيجة تتبع أخسّ المقدّمات، فقد ثبت الجزاء، وهو صدور هذا الحكم من الإمام.