المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

454

 

مشكلة الأخبار مع الواسطة:

بقي الكلام في إشكال الأخبار مع الواسطة الذي ذكروه في ذيل آية النبأ وإن كان في الحقيقة مشتركاً بينها وبين كثير من سائر الأدلّة. ويقرّب هذا الإشكال بعدّة وجوه يمكن إرجاعها إلى تقريبين رئيسين:

التقريب الأوّل: أنّه تلزم من شمول آية النبأ للخبر مع الواسطة وحدة الحكم والموضوع مع أنّ الموضوع مقدّم على الحكم رتبة، فلا يمكن تقارنهما أو وحدتهما. وتوضيح ذلك: أنّ الحجّيّة حكم موضوعه مركّب من جزءين: الخبر، والأثر الشرعيّ، أعني: كون المخبر به حكماً شرعيّاً أو ذا حكم شرعيّ. والجزء الثاني من الموضوع منتف بالنسبة لخبر المخبر الذي لا ينقل مباشرة عن الإمام؛ لأنّه ليس ما يخبر به عبارة عن حكم شرعيّ، ولا عمّا هو موضوع لحكم شرعيّ إلّا ببركة حجّيّة ما قبله من الخبر، فإنّ الذي يخبر به إنّما هو خبر عن الإمام مثلاً، وأثره عبارة عن حجّيّته التي هي عين الحكم المستفاد من هذه الآية المباركة، وهذا معنى ما قلناه: من وحدة الحكم والموضوع أو تقارنهما.

والتقريب الثاني: أنّه يلزم من شمول آية النبأ للخبر مع الواسطة ما هو أشدّ من وحدة الحكم والموضوع أو تقارنهما، وهو تأخّر المقدّم عن المؤخّر، أعني: تأخّر


أن يدّعي تماميّة دلالة الآية على حجّيّة خبر العادل، بدعوى استظهار رجوع الضمير المحذوف في ﴿تَبَيَّنُوا﴾ إلى أقرب الكلمات إليه وهو النبأ، مع استظهار معنى المنبأ عنه من كلمة النبأ بقرينة تعلّق جاءكم به، أي: أنبأكم بنبأ، وبه يتمّ المقتضي للمفهوم، ثُمّ يدفع المانع الداخليّ باستظهار كون الجهالة بمعنى السفاهة، كما أنّ المانع الخارجيّ مدفوع بوجهين.

والردّ الواضح عندي على ذلك هو عدم الإيمان بأصل مفهوم الشرط.