المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

45

غرض أهمّ، ونقول: إنّ ما فيه المحذور إنّما هو نقض الغرض لا بملاك التزاحم، وأمّا نقض الغرض بملاك المزاحمة لغرض أهمّ فلا محذور فيه، بل لابدّ منه.

هذا. وقد ظهر ممّا ذكرناه معنى ما كنّا نقوله: من أنّ الحكم تارةً يكون بدرجة من الأهمّيّة في حال الشكّ بحيث لا يرضى المولى بفواته في هذه الحالة، واُخرى لا يكون بتلك الدرجة ويرضى بتركه في هذه الحالة، فمعناه أنّه تارةً تكون مصلحة الحكم الإلزاميّ غير مزاحمة لمصلحة الحكم الترخيصيّ بحيث يرضى المولى بفواتها في سبيل درك مصلحة الحكم الترخيصيّ، واُخرى تكون مزاحمة لها بهذا النحو(1).

 


(1) لا يخفى أنّ افتراض أنّ الغرض والحبّ والبغض لا يتّسع بوقوع التردّد في المصداق قد يكون على ظاهره قابلاً للمناقشة، توضيح ذلك: إنّ الحبّ والبغض الراجعين إلى الأعيان لا إشكال في أنّهما يسريان من الصورة الكلّيّة إلى الصورة الجزئيّة بواسطة مراتب الانكشاف، فمن أحبّ كلّيّ الإنسان الكريم ـ مثلاً ـ ثُمَّ اعتقد ـ ولو خطأً ـ أنّ زيداً إنسان كريم سرى حبّه إلى زيد، وهذا واضح لا غبار عليه. وإنّما الكلام فيما يتعلّق الحبّ والبغض بإيجاده وهو الفعل، فلو أنّ أحداً أحبّ إكرام الإنسان الكريم، واعتقد أنّ زيداً كريم فهل يسري حبّه إلى صورة إكرام زيد التي هي أضيق من صورة إكرام الكريم، أو لا؟

إنّ القول بعدم السريان يجب أن يرجع إلى إحدى دعويين:

الدعوى الاُولى: دعوى أنّ الحبّ لا يسري من الجامع إلى الحصص، فالحبّ إذا تعلّق بإكرام الإنسان الكريم لا يسري إلى إكرام هذا الكريم وإكرام ذاك الكريم.

وهذه الدعوى إضافة إلى أنّها خلاف الوجدان يمكن البرهنة على بطلانها، بأنّ نكتة حبّ صورة الجامع ـ وهي فناء الصورة في ذي الصورة المشتمل على المصلحة بالمعنى المعقول من الفناء ـ موجودة في الحصّة أيضاً، فهي أيضاً فانية بالمعنى المعقول من الفناء في ذي الصورة المشتمل على المصلحة، فإنّ المصلحة إذا كانت في الجامع على شكل