المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

441

نشأت من تخيّل سريان الحكم بذاته إلى تمام الأفراد، مع أنّه إنّما يسري الحكم إلى تمام الأفراد لا بما هو، بل بوصف كونه معلّقاً. وبتعبير آخر: إنّ أصل القضيّة بما هي قضيّة تنحلّ لا أنّ جزءاً منها ينحلّ. وبكلمة اُخرى: إنّ الانحلال ثابت للمعلّق، والمعلّق عليه، والتعليق معاً، فقولنا: (النبأ إن جاءكم به فاسق فتبيّنوا عنه) يكون عرفاً في قوّة أن يقال: هذا النبأ إن جاءكم به فاسق فتبيّنوا عنه، وذاك النبأ إن جاءكم به فاسق فتبيّنوا عنه، وذلك النبأ إن جاءكم به فاسق فتبيّنوا عنه. وهكذا تنحلّ هذه القضيّة الواحدة إلى قضايا متعدّدة كلّ واحدة منها مشتملة على المعلّق، والمعلّق عليه، والتعليق، ولولا هذا لسرى هذا الإشكال إلى تمام موارد المفهوم؛ إذ يأتي تقريبه في كلّ قضيّة شرطيّة ذات مفهوم(1).

 


(1) بشرط أن يكون الموضوع الذي يبحث عن تحصّصه وعدمه كلّيّاً، كما في المقام، لا جزئيّاً حقيقيّاً، فلا مجال لهذا الإشكال حينما يكون الموضوع جزئيّاً حقيقيّاً، كما في (إن جاءك زيد فأكرمه)، وبشرط أن يكون موضوع الجزاء عائداً إلى نفس ذاك الموضوع الموجود في الشرط، فلا مجال لهذا الإشكال في مثل (إن رزقت ولداً فتصدّق على الفقراء).

أقول: ما أفاده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) من انحلال الجزاء بما هو معلّق أو انحلال كلّ القضيّة صحيح، إلّا أنّ هذا لا علاقة له بالإشكال الذي طرح في المقام، فبإمكان صاحب الإشكال أن يقول: إنّ هناك انحلالين: الأوّل: انحلال لجملة الجزاء بلحاظ تعليقها على الشرط، أي: أنّ كلّ فرد من أفراد مجيء فاسق بنبأ يترتّب عليه الجزاء وهو قوله: (تبيّنوا)، والثاني: انحلال الحكم في الجزاء بانحلال موضوعه، فمثلاً لو قال: (إن رزقت ولداً فتصدّق على الفقراء)، فرزق كلّ واحد من الولد الأوّل، والثاني، والثالث ... يترتّب عليه وجوب التصدّق على الفقراء، وهو الانحلال الأوّل، ثُمّ وجوب التصدّق المرتّب على أيّ واحد من أفراد