المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

440

السريان، والثاني لا يوجب السريان، وإطلاق النبأ في المقام في مرتبة موضوعيّته من قبيل الثاني، وباصطلاحنا الماضي في بحث المطلق والمقيّد اُريد التفصيل بين الإطلاق الذاتيّ والإطلاق اللحاظيّ، فالإطلاق الذاتيّ لا يقتضي السريان، والإطلاق اللحاظيّ يقتضي السريان، ففيه ما حقّقناه في ذاك البحث من اقتضاء الإطلاق الذاتيّ أيضاً للسريان.

وإن اُريد بذلك بيان عدم السريان من ناحية التقييد بالشرط في المرتبة المتأخّرة، وأنّ هذا الإطلاق إطلاق مرتبتي لا إطلاق واقعيّ(1)؛ إذ النبأ وإن كان في المرتبة السابقة مطلقاً لكنّه حصّص في المرتبة المتأخّرة بالتقييد بالشرط إلى حصّتين. ففيه: أنّ مصبّ التقييد بالشرط هو الحكم لا الموضوع، أي: أنّ الذي يفحص عنه لا زال هو طبيعيّ النبأ إلّا أنّ وجوب الفحص مشروط بإتيان الفاسق بنبأ، فيعود الإشكال، وهو: أنّه يلزم من ذلك أنّ ورود نبأ من قِبل الفاسق يوجب التبيّن عن كلّ نبأ حتّى أنباء العدول، وهذا غير محتمل، فلابدّ أن يفترض أنّ موضوع وجوب التبيّن هو نبأ الفاسق، ومعه يكون المفهوم سالبة بانتفاء الموضوع.

وأمّا الإشكال فجوابه يكون بانحلال القضيّة، وبما أنّ هذه الآية في نفسها ليس لها مفهوم بحسب الواقع فمن المستحسن أن ننقل هذه المغالطة إلى مثال آخر كي يتّضح الجواب عنها، فلنفرض أنّ الآية كانت هكذا: (النبأ إن جاء به الفاسق فتبيّنوا)، ومعناه أنّ طبيعيّ النبأ إن جاء به الفاسق فتبيّنوا عنه، فيقال: إنّه يلزم من ذلك وجوب التبيّن عن نبأ العادل أيضاً بواسطة ثبوت نبأ الفاسق، وهذه مغالطة


(1) الظاهر أنّ هذا هو مقصود المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) لا التمسّك لنفي سريان الحكم بعدم لحاظ السريان. وإنّما ذكر عدم لحاظ السريان في الرتبة السابقة على الشرط تمهيداً لبيان تقيّد الإطلاق بالشرط؛ إذ لو لوحظ السريان في مرتبة الموضوع لم يعقل التقييد بعد ذلك.