المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

437

وإن فرض مرجع التبيّن هو النبأ قلنا:

أوّلاً: إنّه لا يبعد اختلال الشرط الثاني أيضاً وإن لم نجزم به، فإنّنا قلنا فيما سبق: إنّ تمييز موضوع القضيّة عن الشرط وهو الداخل تحت الفرض والتقدير الشرطيّ يكون بيد العرف. ولا يبعد أن يقال: إنّه بحسب نظر العرف يكون تمام الكلمات في قوله: ﴿إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ﴾داخلة تحت دائرة الفرض والتقدير الشرطيّ ما عدا كلمة (الفاسق). ويشهد لذلك ما تراه: من أنّه لا يتفاوت أبداً مفاد الكلام بتقديم كلمة (الفاسق) عن أداة الشرط أو تأخيره، فلو قلنا: (الفاسق إن جاءكم بنبأ) لم يكن مفاده مختلفاً عن قولنا: (إن جاءكم فاسق بنبأ)، ولا إشكال في قولنا: (الفاسق إن جاءكم بنبأ) في أنّ الفاسق خارج بمقتضى الفهم العرفيّ عن دائرة الفرض والتقدير الشرطيّ، وأنّ باقي الكلمات كلّها داخلة تحت دائرة الفرض.

ولو لم نجزم بما قلناه كفى في إبطال المفهوم احتمال أنّ النبأ في الآية داخل تحت دائرة الفرض، وعدم قيام قرينة ـ ولو من ناحية الارتكاز العرفيّ ـ على خروجه عن تلك الدائرة.

وثانياً: إنّ الشرط الأوّل أيضاً مختلّ في المقام؛ إذ لو كان التبيّن راجعاً إلى كلمة (النبأ) فظاهر الكلام أنّ موضوع الجزاء هو نبأ الفاسق لا طبيعيّ النبأ، فإنّ كلمة (النبأ) وإن كانت بنفسها تدلّ على طبيعيّ النبأ، ولكن بتعدّد الدالّ والمدلول تدلّ على نبأ الفاسق(1). فنفس الكلمة تدلّ على طبيعيّ النبأ، والباء وهيئة الكلام تدلّ


(1) والأولى أن يقال: إنّ مرجع الضمير يصبح مجملاً مردّداً بين طبيعيّ النبأ ونبأ الفاسق، حيث إنّ كلمة (النبأ) دلّت على طبيعيّ النبأ، وبتعدّد الدال والمدلول اُريد نبأ الفاسق، فلا نعلم أنّ الضمير رجع إلى هذا أو ذاك، والإجمال كاف في عدم تماميّة المفهوم.