المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

436

لانتفاء الشرط الأوّل؛ إذ موضوع الحكم ـ وهو الفاسق ـ ليس له في الرتبة السابقة على الشرط إطلاق يشمل فرض العدالة، ويكفي في سقوط دلالة الآية على المفهوم أن يكون هذا الاحتمال وارداً ولو بشكل متساو مع الاحتمال الثاني، بأن تفرض الآية مجملة ومردّدة بين الاحتمالين.

وأمّا بناءً على الاحتمال الثاني، وهو أن يكون التبيّن مضافاً إلى حال نبأ الفاسق لا إلى حال نفس الفاسق، فعندئذ نقول: إنّ في الآية الشريفة كلمتين تدلاّن على عنوان النبأ، أحدهما بنحو بارز، وهي كلمة (النبأ) الواردة في الآية، والاُخرى بنحو مستتر، وهي مادّة (المجيء) في قوله: ﴿إِن جَاءَكُمْ﴾، فإنّ المجيء بالنبأ معناه الإنباء بالنبأ، والفرق بينه وبين النبأ هو الفرق بين الإيجاد والوجود، فمرجع التبيّن يجب أن يكون أحد هذين الأمرين.

فإن فرض مرجع التبيّن هو المجيء، فالشرط الثاني مختلّ؛ لأنّ المجيء اُخذ في دائرة الفرض والتقدير، ولذا ترى أنّه لا يحتمل أحد مفهوم الشرط في قولنا: (إن أنبأك زيد فتبيّن عن ذلك)(1).


(1) قد مضى منّا عدم تماميّة الشرط الثاني من أساسه. وهنا نقول: إنّ التبيّن إذا رجع إلى معنى النبأ المقتنص من ﴿جَاءَكُمْ فَاسِقٌ﴾ أو من (أنبأك زيد)، فكما يحتمل رجوعه إلى طبيعيّ النبأ كذلك يحتمل رجوعه إلى نبأ فاسق أو نبأ زيد، فإنّه كما يمكن اقتناص مفهوم طبيعيّ النبأ من ﴿جَاءَكُمْ﴾ أو (أنبأك) كذلك يمكن اقتناص حصّة من النبأ من ﴿جَاءَكُمْ فَاسِقٌ﴾ أو (أنبأك زيد)، وهي نبأ الفاسق أو نبأ زيد، وهذا الاحتمال الثاني يبطل المفهوم؛ إذ عليه يكون موضوع الجزاء هو نبأ فاسق أو نبأ زيد، وهو ينتفي بانتفاء الشرط، فيكون المفهوم سالبة بانتفاء الموضوع.

لا يقال: إنّ النبأ في قولنا: (إن أنبأك زيد) مصرّح به وليس مقتنصاً. فإنّه يقال: إنّ المعنى المصدريّ مقتنص من الفعل، ولا يمكن رجوع الضمير إلى الفعل من دون تجريده عن معنى الهيئة.