المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

434


الإخبار من زيد فلا تعتن) هو: أنّ الضمير المحذوف في الجزاء ـ أي: لا تعتن به ـ يعود في الثاني إلى كلمة الإخبار المذكورة صريحاً في الشرط بمدلول اسميّ، وهذا ظاهره أنّ موضوع الجزاء هو طبيعيّ الإخبار بينما الشرط هو كون الإخبار من زيد، ومن الواضح أنّ الموضوع لا ينتفي بانتفاء الشرط، فكان الكلام دالّاً بمفهومه على أنّه إن كان الإخبار من غير زيد يعتني به، أمّا في قولنا: (إن أخبرك زيد فلا تعتن) فالضمير في الجزاء يعود إلى ما هو مقتنص من الشرط وغير مصرّح به. وكما يمكن أن يقتنص من جملة (أخبرك زيد) عنوان الإخبار كذلك يمكن أن يقتنص منها عنوان إخبار زيد. وعلى الثاني يكون مفهوم الشرط سالبة بانتفاء الموضوع، ويكون الشرط الأوّل منتفياً، ومع الإجمال في مرجع الضمير ووجود احتمال كون القضيّة مسوقة لبيان تحقّق الموضوع لا يتمّ المفهوم، فليس هذا شاهداً لوجود شرط ثان لاقتناص المفهوم.

وأمّا المثال الثاني: فهناك فرق بين قولنا: (إن أكرم زيد عمراً فأكرمه) وقولنا: (إن أكرم زيد عالماً فأكرمه)، وهو: أنّ الضمير في (أكرمه) في الأوّل راجع إلى عمرو، وعمرو إنسان واحد لا يتعدّد بإكرام زيد إيّاه وعدمه، ولذا يكون الظاهر من الكلام أنّ موضوع وجوب الإكرام هو عمرو، وهو لا ينتفي بانتفاء الشرط، بينما الضمير في الثاني راجع إلى عالم، والعالم ليس فرداً واحداً، بل هو متعدّد، ويمكن أن يشار إلى بعضهم بعنوان (من أكرمه زيد) وإلى البعض الآخر بعنوان (من لم يكرمه زيد)، وقد أصبح (عالم) طرفاً للنسبة الناقصة محصّصاً للنسبة التامّة الثابتة بين الإكرام وزيد، وتلك النسبة تخصّص بالقسم الأوّل لا محالة وهو من يكرمه زيد. ومن هنا يأتي احتمال أن يكون مرجع الضمير هو العالم الذي أكرمه زيد، فينتفي الموضوع بانتفاء الشرط، وعلى هذا الاحتمال يكون الشرط الأوّل للمفهوم منتفياً. لذا كان ثبوت المفهوم في الأوّل أوضح منه في الثاني، فهذا لا