المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

433

الثاني: أن لا يكون موضوع الحكم داخلاً تحت دائرة الفرض والتقدير الشرطيّ، وقد عرفت فيما مضى أنّ الموضوع الذي يكون دائماً في قبال الشرط ولا يعقل دخوله تحت دائرة الفرض الشرطيّ إنّما هو موضوع القضيّة، أمّا موضوع الحكم فقد يدخل تحت دائرة التقدير الشرطيّ وقد لا يدخل، فهنا نقول: إنّه يشترط في دلالة القضيّة الشرطيّة على المفهوم أن لا يكون موضوع الحكم داخلاً تحت دائرة الفرض والتقدير الشرطيّ، ودليلنا على ذلك فهم العرف، ولهذا لم يتوهّم أحد دلالة قولك: (إن أخبرك زيد فلا تعتن) بمفهوم الشرط على عدم حرمة الاعتناء بإخبار عمرو، وليس هذا عدا مفهوم اللقب. وهذا بخلاف ما لو قيل: (إن كان الإخبار من زيد فلا تعتن)، والسرّ في الفرق بين المثالين هو ما ذكرناه: من الشرط الثاني، حيث إنّ الإخبار الذي هو موضوع الحكم أصبح في المثال الأوّل داخلاً تحت الفرض الشرطيّ، وفي المثال الثاني كان خارجاً عنه. ولهذا أيضاً ترى الفرق بين قولنا: (إن أكرم زيد عمراً فأكرمه)، أي: أكرم عمراً، وقولنا: (إن أكرم زيد عالماً فأكرمه)، أي: أكرم ذاك العالم، حيث إنّ دلالة الأوّل على المفهوم في غاية الجلاء والوضوح، بينما دلالة الثاني على المفهوم لا تخلو من خفاء وغموض، وليست واضحة كالأوّل. والسرّ في ذلك أنّ موضوع الحكم في المثال الأوّل ـ وهو عمرو ـ لا يحتمل دخوله تحت دائرة الفرض والتقدير؛ لكونه جزئيّاً حقيقيّاً، وموضوع الحكم في المثال الثاني ـ وهو العالم ـ كلّيّ يحتمل دخوله تحت دائرة الفرض والتقدير الشرطيّ(1).

 


(1) شهادة هذين المثالين على صحّة الشرط الثاني عرفاً غير واضحة:

أمّا المثال الأوّل: فقد يكون الفرق بين قولنا: (إن أخبرك زيد فلا تعتن)، وقولنا: (إن كان