المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

428

المولى: (إن جاءك عالم عادل فأكرمه) لم يدلّ بمفهومه على نفي الحكم عن العالم الفاسق، أو العادل الجاهل مثلاً، إلّا على أساس مفهوم الوصف واللقب. أمّا مفهوم الشرط فلا، فإنّ الجزاء لا يدلّ في نفسه إلّا على وجوب إكرام العالم العادل، لعود الضمير في (أكرمه) إلى العالم العادل، ولا يعقل إطلاق الحكم للجاهل أو الفاسق كي يدلّ التقييد على رفعه عنهما فيتمّ المفهوم. وكذلك لو قال: (إن رزقت ولداً فاختنه)، فإنّ الجزاء في نفسه يستحيل شموله لفرض عدم رزق الولد كي يتمّ المفهوم.

وبالالتفات إلى ما ذكرناه يظهر أنّ ما اُفيد في المقام خلط بين موضوع القضيّة وموضوع الحكم، فتشخيص الموضوع بكونه ما عدا ما دخل في دائرة الشرط صحيح بلحاظ موضوع القضيّة لا موضوع الحكم، فجملة الشرط مشتملة على خصوصيّات ثلاث: النبأ، والمجيء، والفسق. فمن الصحيح ما أفاده المحقّق العراقيّ(رحمه الله): من أنّ ما دخل منها في دائرة الشرط يجرّد عن الموضوع، وما بقي خارجاً عن دائرة الشرط كان هو الموضوع، لكن هذا إنّما يرجع إلى موضوع القضيّة الشرطيّة الذي عرفت تباينه دائماً مع الشرط، ولا يرجع إلى موضوع الحكم وهو الجزاء؛ إذ عرفت أنّه قد يتباين مع الشرط وقد لا يتباين، بينما الموضوع الذي يجب انحفاظه على كلا تقديري الشرط وعدمه كي يتمّ المفهوم إنّما هو موضوع الجزاء، وليس موضوع القضيّة الشرطيّة(1).

 


(1) لا يخفى أنّ موضوع القضيّة الشرطيّة هو الذي حملت عليه القضيّة الشرطيّة بما لها من جملة الشرط وجملة الجزاء، والجملة الشرطيّة ليست دائماً تمتلك موضوعاً من هذا القبيل. ولكن لو امتلكت موضوعاً من هذا القبيل فلابدّ من انحفاظها عند انتفاء