المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

424

والمفروض أنّه لا موضوع عند انتفاء الشرط حتّى ينتفي الحكم عنه، وهذا هو الذي يسمّى بالسالبة بانتفاء الموضوع، فلابدّ أن يكون وجود الموضوع محفوظاً في كلا جانبي وجود الشرط وعدمه حتّى يكون للكلام مفهوم. وعندئذ نأتي إلى محلّ الكلام لنرى أنّ الشرطيّة هل هي من القسم الأوّل، أو من القسم الثاني؟

وأحسن مَن جمع الكلام في المقام هو المحقّق العراقيّ(رحمه الله)، فنقتصر هنا على ذكر كلامه مع التعليق عليه، ثُمّ بيان ما هو مقتضى التحقيق في المقام فنقول:

قد أفاد المحقّق العراقيّ(قدس سره) في المقام: أنّ موضوع وجوب التبيّن ـ وهو النبأ ـ يتصوّر وقوعه موضوعاً على أنحاء ثلاثة:

الأوّل: أن يكون الموضوع هو ذات النبأ، وتمام المعاني الاُخرى الحاصلة من قوله: ﴿إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ﴾ تكون مندرجة في الشرط لا في الموضوع، فكأنّ الآية قالت: (النبأ إن جاء الفاسق به فتبيّنوا)، ومفهومه انتفاء وجوب التبيّن عند انتفاء مجيء الفاسق بالنبأ. ولانتفاء مجيء الفاسق بالنبأ حالتان: حالة انعدام النبأ بقول مطلق، وحالة مجيئه من ناحية العادل، وانتفاء الجزاء في الحالة الاُولى يكون بنحو السالبة بانتفاء الموضوع، وفي الحالة الثانية يكون بنحو السالبة بانتفاء المحمول، فالمفهوم بحسب الحقيقة يكون منحلاًّ إلى جانبين، جانب منه يكون من السالبة بانتفاء الموضوع، فيخرج عن باب الدلالة اللفظيّة، وجانب منه يكون من باب السالبة بانتفاء المحمول، فيتمّ المفهوم باعتبار هذا الجانب.

الثاني: أن يكون الموضوع نبأ الفاسق لا ذات النبأ على الإطلاق، فكأنّه قال: (نبأ الفاسق إن جاءكم فتبيّنوا). وعليه ينحصر انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط بالسالبة بانتفاء الموضوع؛ إذ لو لم يجئنا نبأ الفاسق لم يكن نبأ الفاسق الذي هو الموضوع موجوداً حتّى يجب التبيّن عنه أو لا يجب.

الثالث: أن يكون الموضوع النبأ المجيء به، ويبقى الفسق في الشرط، فكأنّه