المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

423

ويرد أيضاً على هذا الوجه: أنّ هذا البيان لو تمّ فإنّما يثبت حجّيّة خبر الواحد في الجملة لا على الإطلاق؛ وذلك لما يمكن أن يفترض: من حالة اُخرى غير العدالة قد تجتمع مع العدالة، كعدم الظنّ بصحّة الخبر، أو وجود أمارة على خلافه تكون كالفسق ملاكاً لعدم الحجّيّة(1).

وأمّا التمسّك بمفهوم الشرط في الآية الشريفة لإثبات حجّيّة خبر الواحد، فبعد فرض الفراغ عن كبرى دلالة القضيّة الشرطيّة على المفهوم يقع الكلام في المقام في أنّ مقياس اقتناص المفهوم من القضيّة الشرطيّة، هل ينطبق على ما نحن فيه، أو لا؟

وحاصل ما قد يقال في المقام هو: أنّ القضيّة الشرطيّة فيها أركان ثلاثة: الشرط، والموضوع، والجزاء، وهو الحكم، وانتزاع المفهوم عبارة عن عدم ترتّب الحكم على هذا الموضوع عند عدم هذا الشرط، فلابدّ من فرض موضوع محفوظ في كلا جانبي وجود الشرط وعدمه، وليس المراد بالموضوع في المقام ما كان موضوعاً بحسب عالم الجعل والتشريع، أي: تمام ما اُخذ مفروض الوجود في عالم جعله وتشريعه؛ إذ من المعلوم أنّ الشرط داخل في الموضوع بهذا المعنى، بل المقصود من الموضوع في المقام الركن الأساسيّ الذي اُضيف إليه الشرط أوّلاً، واُضيف إليه الحكم في طول إضافة الشرط. وبهذا ظهر أنّ هذا الركن الأساس إن كان ينتفي بانتفاء الشرط كما في مثل: (إن وجد عالم فأكرمه) لم يكن للكلام مفهوم؛ إذ المفهوم ـ كما عرفت ـ عبارة عن انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط،


(1) ويمكن أن يورد أيضاً على هذا الوجه: أنّ ذكر كلمة (الفاسق) وإن كان ظاهراً في دخل الفسق في وجوب التبيّن، لكن يكفي إشباعاً لهذا الظهور افتراض أنّ الفسق دخيل في روح الحكم في المقام، بمعنى تشديده لملاك الحكم، فملاك وجوب التبيّن ثابت في كلّ خبر غير قطعيّ، ولكنّه يشتدّ فيما إذا كان المخبر فاسقاً.