المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

422

بقي(1) الكلام في الوجه الذي نحن ذكرناه لإثبات المفهوم في المقام: من أنّ العدالة لا يحتمل أن تكون دخيلة في عدم الحجّيّة كالفسق، فإذا تمّ انتفاء شخص الحكم بانتفاء الفسق ثبت انتفاء وجوب التبيّن عند العدالة لا محالة؛ لعدم احتمال شخص آخر للحكم متقوّم بالعدالة.

والتحقيق: أنّ هذا الوجه أيضاً غير تامّ؛ إذ يرد عليه اُمور: أهمّها: أنّ الثابت في المقام ليس هو جعل عدم الحجّيّة، حتّى تكون موضوعيّة خبر الواحد الفاسق وخبر الواحد العادل لذلك مساوقة لكون الفسق والعدالة ملاكين لعدم الحجّيّة، فيقال: إنّ ذلك غير محتمل في جانب العدالة. وإنّما الآية الشريفة تبيّن عدم جعل الحجّيّة وجعل خبر الواحد الفاسق موضوعاً لذلك، ومعنى موضوعيّته لذلك أنّ شيئاً مّن الأجزاء التحليليّة لهذا العنوان ـ ومنها الفسق ـ ليس فيه ملاك لجعل الحجّيّة، فخبر الواحد الفاسق ليس حجّة، ومن المحتمل كون خبر الواحد العادل أيضاً موضوعاً لذلك، ولا يلزم من ذلك عدا عدم كون العدالة ملاكاً للحجّيّة لا كونها ملاكاً لعدم الحجّيّة(2).

 


الفسق في الآية لا محالة ظاهر في دخله بعنوانه في الحكم، ومجرّد ذكر كلا الوصفين لا يبرّر احتمال كون الدخيل هو الجامع بينهما، بل تبقى كفاية الجامع، وعدم دخل الوصف بعنوانه خلاف ظاهر أخذ العنوان، فإذا ثبت أنّ الفسق بعنوانه دخيل في الحكم ثبت المفهوم؛ لأنّ ترتّب الحكم على عنوان آخر أيضاً منفصلاً عنه يستلزم صدور الواحد من اثنين.

(1) من هنا عدنا إلى الدورة التي حضرناها من البحث.

(2) أمّا لزوم لغويّة ذكر الفسق فيكفي في دفعه ترتّب فائدة مّا عليه، كالتنبيه على فسق مَن نزلت الآية بشأنه، أو كون الفسق مقوّياً لانتفاء ملاك الحجّيّة.