المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

42

الاهتمام وناشئاً من نفس ملاكات الواقع، والقول بكون الحكم الظاهريّ ناشئاً من ملاك في نفس الحكم، فإنّه على الثاني لا يوجب التحريك؛ لما مضى: من أنّ المحرّكيّة العرضيّة تابعة للمحرّكيّة الذاتيّة، وإذا كان الملاك في نفس الحكم فقد وصل المولى إلى غرضه بنفس الحكم، ولا يبقى شيء يوجب التحرّك الذاتيّ للعبد المخلص نحو الامتثال، وفرض الإخلاص على العبد غير المخلص بالعقل العمليّ، والإنذار بالنار والتبشير بالجنّة لا يزيد على الإخلاص الحقيقيّ، وإنّما هو مكمّل للإخلاص الحقيقيّ ومتمّم لنقصانه، فإذا لم يكن الإخلاص الحقيقيّ في العبد المخلص حقيقة محرّكاً نحو شيء فلا يتحرّك بفرض الإخلاص عليه والمحرّكيّة العرضيّة، بينما على الأوّل ـ أعني: كون الحكم الظاهريّ مبرزاً لاهتمام المولى بغرضه الواقعيّ ـ تكون المحرّكيّة الذاتيّة في العبد المخلص موجودة؛ إذ لو عرف العبد باهتمام المولى بغرضه حتّى في ظرف الشكّ يتحرّك بإخلاصه نحو الاحتياط، فالمحرّكيّة العرضيّة أيضاً موجودة للحكم الظاهريّ.

المقدّمة الثانية: أنّ التزاحم على ثلاثة أقسام:

الأوّل: تزاحم الملاكين في موضوع واحد، كما إذا كانت في فعل مّا مصلحة ومفسدة، فلا محالة يقع بينهما الكسر والانكسار، ويكون الحبّ أو البغض الفعليّ على طبق الأهمّ، ولا يبقى للآخر إلّا الحبّ أو البغض الشأنيّ، أي: لولا ابتلائه بالمعارض لكان موجباً للحبّ أو البغض، فإنّ اجتماع الحبّ والبغض على شيء واحد مستحيل، وهذا يسبّب تعارض دليلين يكشف كلّ منهما عن ملاك يزاحم ملاك الآخر في موضوعه. وهذا القسم من التزاحم لا يختصّ بالحكمين الإلزاميّين، فقد يجتمع في شيء واحد ملاك للحرمة ـ مثلاً ـ مع ملاك للإباحة ويقع بينهما الكسر والانكسار.

الثاني: تزاحم مبادئ الحكم في موضوعين بلحاظ عالم الامتثال لضيق قدرة