المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

419

عدم المقتضي. ولا يسند إلى الفسق كمانع عن الحجّيّة، فإنّ عدم الشيء إذا كان فاقداً لمقتضيه يسند عدمه إلى عدم المقتضي لا إلى وجود المانع، فبدلاً عن أن نقول بأنّ العنوان الذاتيّ أسبق من العنوان العرضيّ نقول: إنّ منشئيّة عدم المقتضي أسبق من منشئيّة وجود المانع. إذن فإسناد عدم الحجّيّة إلى الفسق في الآية الكريمة يدلّ على وجود مقتضي الحجّيّة وهو الخبر، وأنّ الفسق مانع، فخبر غير الفاسق حجّة؛ لأنّ المقتضي وهو ذات الخبر موجود، والمانع وهو الفسق مفقود.

وهذا أيضاً ـ كما ترى ـ لا يمكن تتميمه بغير ضمّ بياننا المتقدّم؛ إذ بدونه يثار احتمال كون العدالة كالفسق مانعاً عن الحجّيّة.

على أنّه يرد عليه: أنّ مقتضي الحجّيّة في الحقيقة هو كاشفيّة الخبر، واحتمال الخلاف هو المانع، وكلّما اشتدّ احتمال الخلاف وكثرت قرائنه اشتدّت المانعيّة، ولا شكّ أنّ الفسق قرينة للخلاف، فهو يوجب تشديد المانعيّة، فبالإمكان أن يقال: إنّ ذكر الفسق في المقام من باب إسناد عدم الحجّيّة إلى المانع الشديد مع كون المقتضي للحجّيّة موجوداً، وهذا لا يمنع عن فرض عدم الحجّيّة عند عدم الفسق؛ لوجود المانع بمستوى خفيف.

وللمحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) هنا في تعليقه على الكفاية بيان لتقريب المفهوم في المقام، وهو: أنّه إن فرض في المقام أنّ الوصف العرضيّ هو العلّة لوجوب التبيّن، أو أنّ مجموع الوصفين الذاتيّ والعرضيّ هو العلّة لذلك ثبت المطلوب، وهو عدم وجوب التبيّن عند انتفاء الوصف العرضيّ، وإن فرض خصوص الذاتيّ علّة، أو فرض أنّ كلاًّ منهما علّة، فهو خلاف ظاهر الآية. وقال: إنّه لا يعقل أيضاً أن يكون هذا الوصف العرضيّ علّة مع وجود وصف عرضيّ آخر وهو العدالة يكون علّة اُخرى للحكم؛ إذ لو فرض الجامع علّة، لكان خلاف ظاهر الآية التي أناطت الحكم بخصوصيّة الفسق، ولو فرض كلّ منهما علّة بعنوانه لزم صدور الواحد من اثنين.