المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

418

وجوب التبيّن إن كانت هي فسق المخبر فقط فهذا يعني أنّ خبر الواحد بما هو خبر لا يجب التبيّن عنه، وهو معنى حجّيّة خبر غير الفاسق، وإن كانت هي كونه خبراً واحداً من دون دخل للفسق في ذلك، فهذا خلاف ظاهر الآية التي أخذت وصف الفسق في المقام، وإن كانت هناك علّتان لوجوب التبيّن وهما ذات كون الخبر واحداً مع وصف فسق المخبر، فلا يمكن إناطة الحكم بالوصف العرضيّ مادام الوصف الذاتيّ علّة أسبق منه رتبة، والشيء يسند إلى أسبق العلل.

وهذا البيان ـ كما ترى ـ لا يمكن أن يكتمل ما لم يضمّ إليه بياننا؛ إذ بالإمكان كون العلّة هي الوصف العرضيّ وهو الفسق مع احتمال وجود علّة عرضيّة اُخرى وهي العدالة، وهذا لا يدفعه إلّا ما ذكرناه.

على أنّ قاعدة إسناد المعلول إلى أسبق العلل إنّما هي في السبق الزمنيّ لا السبق الرتبيّ.

الثاني: ما جاء في فوائد الاُصول، حيث لم يذكر المحذور العقليّ من لزوم إناطة الحكم إلى أسبق العلل، ولكنّه ذكر محذوراً عرفيّاً، وهو: أنّ العنوان الذاتيّ إذا كان كافياً في ثبوت الحكم فتعليقه على العنوان العرضيّ يكون مستهجناً عرفاً. فقولنا مثلاً: (الدم الملاقي للنجس نجس) يستهجن عرفاً، لكون الدم بذاته نجساً بلا حاجة إلى ملاقاته لنجس آخر.

وهذا الكلام أيضاً ـ كما ترى ـ لا ينفي وحده احتمال كون العدالة وصفاً عرضيّاً آخر يكون كالفسق في المنع عن الحجّيّة، وإنّما ينفي ذلك ببياننا الماضي.

على أنّه يرد على هذا الوجه: أنّه يكفي لمناسبة ذكر الوصف العرضيّ وهو الفسق في الآية التنبيه على القضيّة الخارجيّة من فسق المخبر.

الثالث: ما يمكن أن يكون تعميقاً لبيان الشيخ الأنصاريّ(رحمه الله)، وهو أن يقال: إنّ خبر الواحد في حدّ ذاته إن كان لا يقتضي الحجّيّة فعدم الحجّيّة هنا يكون من باب