المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

415

الأمر بالتبيّن في المقام إرشاداً بنفسه إلى سلب الحجّيّة عن خبر الفاسق، وهذا هو المتفاهم عرفاً من مثل هذا الكلام. فلو أنّ شخصاً جاء إلى شخص آخر وقال له: (حدّثني فلان بكذا) فأجابه المخاطب بقوله: (تبيّن وتأمّل في صدق إخبار فلان) فالذي يفهمه السامع من هذا الكلام أنّ هذا المخبر لا يجوز التعويل عليه في إخباره، فيكون هذا بنفسه إرشاداً إلى عدم الحجّيّة، وذلك الوجوب الشرطيّ الذي مضى في الوجه الخامس بحسب الحقيقة هو مصداق لعدم الحجّيّة، والمتحصّل منه، والفرق بينهما كالفرق بين العنوان والمعنون والمفهوم والواقع.

وإذا كان الكلام إرشاداً إلى سلب الحجّيّة، فالمفهوم يكون بنفسه دالّاً على الحجّيّة بلا حاجة إلى توسّط مقدّمة اُخرى في المقام.

وهذا الوجه مناسب لظهور الآية، وظهور التبيّن في الطريقيّة، وظهور التعليل، فإنّ سلب الحجّيّة إنّما هو بلحاظ الخوف من نتائج العمل بخبر الفاسق وإصابة القوم بجهالة.

هذا تمام الكلام في محتملات الأمر بالتبيّن. وقد عرفت أنّ المختار هو الوجه الأخير، وأنّه بناءً عليه لا حاجة إلى برهان الأسوئيّة.

ثُمّ الكلام في الاستدلال بمفهوم آية النبأ على حجّيّة خبر الواحد يقع في مقامين:

الأوّل: في ثبوت المقتضي في الآية الكريمة للدلالة على حجّيّة خبر الواحد وعدمه.

والثاني: فيما يتصوّر مانعاً عن تأثير المقتضي بعد فرض تماميّته، إمّا بمعنى المنع عن فعليّة الظهور بعد تمام مقتضيه، أو بمعنى المنع عن حجّيّة الظهور بعد فرض فعليّته: