المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

413

الاحتمال الرابع: أن يكون الأمر بالتبيّن أمراً نفسيّاً طريقيّاً، لا نفسيّاً حقيقيّاً كما فرض في الوجه الأوّل، فهذا الأمر قد جعل بداعي التحفّظ على الواقع بقدر مّا، فالمولى في مورد عدم مجيء الخبر لم يتحفّظ على الواقع الإلزاميّ أصلاً، وشرّع لنا الرجوع إلى أصالة البراءة مثلاً. وفي مورد مجيء الخبر الدالّ على الحكم الإلزاميّ من قِبَل ناقل فاسق لم يتحفّظ على الواقع تحفّظاً كاملاً، ولكن تحفّظ على الواقع بقدر مّا، فلم يجعل الخبر حجّة يجب الالتزام بمفاده كي يتمّم التحفّظ على الواقع بالشكل الكامل، ولكن في نفس الوقت لم يسمح للرجوع بالبراءة بلا تبيّن


حجّيّة خبر الفاسق بحصول الظنّ والوثوق، وهذا يدلّ بمفهومه على عدم مشروطيّة حجّيّة خبر العادل بحصول الظنّ، لكن عدم مشروطيّة حجّيّة خبر العادل بحصول الظنّ كما يتصوّر بثبوت الحجّيّة له مطلقاً، كذلك يتصوّر بنفي الحجّيّة عنه مطلقاً حتّى بعد التبيّن وحصول الظنّ، فلابدّ من أن ننفي الثاني ببرهان الأسوئيّة كي تثبت حجّيّة خبر العادل مطلقاً، ولو فرض أنّ حمل الأمر على الشرطيّة لا بمعنى حمله على الوجوب المقدّميّ خلاف الظاهر، فقد يقال: إنّه لابدّ من ذلك بعد عدم تصوير الوجوب المقدّميّ في المقام، كما هو مقتضى إشكال اُستاذنا الشهيد.

وإشكال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) إنّما يرد على النقطة الثانية التي يمكن حذفها في المقام. نعم، حذف هذه النقطة الثانية يعني إرجاع هذا الاحتمال إلى الاحتمال الخامس في الأمر بالتبيّن وهو كون المقصود به الأمر الشرطيّ، فلم يعدّ احتمالاً مستقلاًّ في الأمر بالتبيّن وهو الأمر المقدّميّ. أمّا لماذا احتجنا هنا إلى ضمّ برهان الأسوئيّة بينما بناءً على الاحتمال الخامس لا حاجة إلى برهان الأسوئيّة؟ فهذا الاحتياج نشأ في الحقيقة من ضمّ فرضيّة اُخرى إلى أصل احتمال حمل الأمر بالتبيّن على الأمر الشرطيّ، وتلك الفرضيّة هي فرضيّة تفسير التبيّن بالظنّ أو ما يشمل الظنّ. هذا وتفسير التبيّن بالظنّ، أو ما يشمل الظنّ خلاف الظاهر.