المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

411

لذلك؛ إذ من الواضح إمكان العمل بخبر الفاسق بلا تبيّن، فلا معنى لكون التبيّن واجباً بالوجوب الغيريّ. وإن فرض الثاني فالتبيّن يكون واقعاً في طريق تحصيل مقدّمة الوجوب لا مقدّمة الواجب، ومن المعلوم أنّ إيجاب مقدّمة الوجوب لا يكون تحت الوجوب الغيريّ(1).

 


آخران ذكرهما اُستاذنا الشهيد فيما لم أحضره في دورته الأخيرة ـ على ما نقل عنه ـ وأبطلهما:

أحدهما: كون تحصيل الظنّ بالصدق قيداً للواجب لا للوجوب، أي: يجب العمل بخبر الفاسق بعد تحصل الظنّ بصدقه، أي: أنّه لابدّ أن نحصّل الظنّ بصدقه أوّلاً ثُمّ نعمل به. وهذا واضح البطلان؛ إذ ليس المطلوب تحصيل الظنّ بصدق الفاسق، وإنّما المطلوب هو الإبعاد عن الإصابة بجهالة.

وثانيهما: أن يكون قيد الواجب أو الوجوب هو الظنّ بالكذب لا الظنّ بالصدق. وهذا أيضاً واضح البطلان، فالظنّ بالكذب لا يمكن أن يكون دخيلاً وقيداً للعمل بالخبر.

(1) هذا الإشكال تارةً نقيسه إلى الاحتمال الثالث في الأمر بالتبيّن وهو كونه أمراً مقدّميّاً وغيريّاً في مقابل الاحتمالات الاُخرى بما فيها الاحتمال الخامس وهو كونه أمراً شرطيّاً من دون إرجاع الأمر الشرطيّ إلى الأمر المقدّميّ، واُخرى نقيسه إلى كلام المحقّق العراقيّ(رحمه الله)، فإن قسناه إلى الاحتمال الثالث في الأمر بالتبيّن وهو كونه أمراً مقدّميّاً، فلا إشكال في وروده عليه بتمام معنى الكلمة، وإن قسناه إلى كلام المحقّق العراقيّ(رحمه الله)، فهو وارد على نقطة من كلامه، ولكن لا نعلم أنّه هل كان يعتقد كون هذه النقطة جوهريّة في الاستدلال في المقام، أو لا؟ وتوضيح ذلك: أنّ مراد المحقّق العراقيّ(رحمه الله) كما يبدو من مقالاته يتألّف من ثلاث نقاط:

الاُولى: أنّ الأمر بالتبيّن لئن لم يمكن حمله على الأمر الشرطيّ بناءً على كون