المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

41

التحريك يكون بواسطة ذاك الاحتمال. هذا في مثال الغرض التكوينيّ.

وقس عليه الغرض التشريعيّ، فإنّ تعلّق غرض المولى بإكرام عبده للعالم، وتردّد العالم لدى العبد بين جماعة، فقد يأمره المولى ـ لشدّة اهتمامه بغرضه ـ بإكرام الجميع، وهذا لا يعني توسعة دائرة الغرض، بل يعني توسعة دائرة المحرّكيّة، وإنّما الفرق أنّ الغرض هنا تشريعيّ وهناك تكوينيّ، فكان التحرّك هناك إلى إكرام الجميع مباشرة، وهنا إلى تشريع وجوب الاحتياط والأمر بإكرام الجميع. ولتوهّم وقوع التوسعة في دائرة الغرض منشآن:

الأوّل: توهّم أنّ إكرام الجهلاء أصبح مقدّمة لإكرام العالم الذي وقع بينهم. ولكن نقول كما مضى: إنّ إكرام الجاهل لم يصبح مقدّمة لإكرام العالم، وإنّما أصبح مقدّمة لحصول العلم بإكرام العالم.

والثاني: أنّ توسعة دائرة الغرض مقدّمة لوصول المولى إلى غرضه من إكرام العالم؛ إذ بذلك يجب على العبد إكرام كلّ الجماعة، فيحصل ضمناً إكرام العالم، ولولا ذلك لم يتنجّز على العبد شيء، فيترك الإكرام، وبالتالي يخسر المولى غرضه.

وفيه: أنّ توسعة غرض المولى ليست اختياريّة للمولى حتّى يوسّعها مقدّمة لحصول إكرام العالم، وإنّما الحبّ أمر قهريّ يحصل من ملاك ومصلحة يراها المحبّ في المتعلّق. وقد حقّقنا فيما مضى: أنّ حصول الحبّ بملاك ومصلحة يراها المحبّ في نفس الحبّ محال.

هذا مضافاً إلى أنّ هذه التوسعة بلا موجب، فإنّه يكفي في تحرّك العبد إبراز المولى شدّة اهتمامه بإكرام العالم بحيث لا يرضى بفواته حتّى في هذه الحال، فتتحقّق بذلك المحرّكيّة العقليّة نحو إكرام الجميع.

وهذا هو الفرق في النتيجة بين القول بكون الحكم الظاهريّ من باب إبراز شدّة