المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

408

فرق بين إخبار الفاسق بوجوب صلاة الجمعة ـ مثلاً ـ وعدمه، فإنّه على أيّ حال يجب تحصيل العلم بما هو الفريضة في يوم الجمعة، فيكون هذا التعليق مجرّد ربط إثباتيّ بين الشرط والجزاء.

إلّا أن يراد بهذا الإرشاد إلى حكم العقل الكناية عن ملزومه وهو عدم حجّيّة خبر الفاسق(1)، حيث إنّ العقل يحكم بوجوب تحصيل العلم حيث لا حجّة، فكأنّه يرشد إلى حكم العقل لأجل أن يلفت النظر إلى الملزوم وهو عدم حجّيّة خبر الفاسق، وعندئذ فلا نحتاج إلى مثل هذا التعسّف، بل يتعيّن ما سوف نذكره إن شاء الله: من الاحتمال من كون الأمر بالتبيّن ابتداءً كناية عن سلب الحجّيّة بلا حاجة إلى توسيط هذا الإرشاد إلى حكم العقل في المقام(2).

وأمّا عدم الحاجة إلى مقدّمة الأسوئيّة لو تمّ هذا الوجه، فلأنّه لو كان الأمر


(1) وعندئذ تثبت حجّيّة خبر العادل بلا حاجة إلى مقدّمة الأسوئيّة.

(2) يمكن الجواب على هذا الإشكال لو سلّمنا الفرضيّة التي تفهم من كلام المحقّق العراقيّ(رحمه الله): من دوران حال الأمر بالتبيّن بين اُمور ثلاثة، فإمّا هو أمر نفسيّ، أو هو أمر شرطيّ، أو أمر إرشاديّ. فإذا كان الأوّلان مقطوعي العدم؛ لعدم احتمال وجوب التبيّن نفسيّاً؛ ولعدم معقوليّة اشتراط الحجّيّة بالعلم؛ لأنّه إذا جاء العلم كان هو الحجّة لا خبر الفاسق، تعيّن الثالث لا محالة، وهو حمله على الإرشاد، وكون التعليق مجرّد ربط إثباتيّ لا يضرّ بذلك، فإنّ التعليق وإن كان بطبعه له ظهور في الربط الثبوتيّ لكن إذا انحصر الأمر بكون المقصود هو الأمر الإرشاديّ الذي لا يحتمل تعليقه ثبوتاً على إخبار الفاسق رفع اليد لا محالة عن الظهور الأوّليّ للتعليق، وحمل على مجرّد ربط إثباتيّ، فالمهمّ إنّما هو إبطال الحصر بين الاُمور الثلاثة وإبراز احتمال آخر، ككون العبارة كناية عن سلب الحجّيّة، أو بيان أنّ حمل الأمر على كونه شرطيّاً ممكن، وذلك بأن يكون العلم شرطاً لجامع كون تطبيق العمل على مضمون الخبر مؤمّناً لا شرطاً للحجّيّة بالمعنى المصطلح.