المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

407

وثانياً: أنّه لا معنى لتعليق هذا الحكم الإرشاديّ على مجيء الفاسق بالخبر، فإنّ حكم العقل بوجوب تحصيل العلم لو قلنا به فهو ثابت حتّى مع عدم الخبر، ولا


تحصيل العلم بالواقع ولو من باب كونه أحد فردي ما يحقّق العلم بالامتثال ـ وهما تحصيل العلم بالواقع، والاحتياط ـ فلا يرد عليه هذا الإشكال. والإرشاد إلى خصوص وجوب تحصيل العلم بالواقع ليس دخيلاً في روح دليله الذي استدلّ به على مدّعاه، فإنّ دليله ـ كما يظهر من مراجعة كلامه في المقالات، ج 2، ص 30 ـ هو: أنّه بعد حمل التبيّن على معنى تحصيل العلم لا يمكن أن يكون الأمر بالتبيّن أمراً شرطيّاً؛ إذ لا معنى لكون حجّيّة خبر الفاسق مشروطة بالعلم بصدقه، كي يكون المفهوم عدم اشتراط حجّيّة خبر العادل بالتبيّن، وبالتالي نستغني عن مقدّمة الأسوئيّة؛ وذلك لأنّه مع وجود العلم يكون تمام الحجّة هو العلم لا خبر الفاسق. إذن فالأمر بالتبيّن ليس شرطيّاً، كما أنّه ليس نفسيّاً بلا إشكال، فانحصر في أن يكون إرشاديّاً يرشد إلى طلب العلم بالواقع، وهذا الإرشاد كما يمكن أن ينتفي لدى عدالة المخبر بحجّيّة خبره كذلك يمكن أن ينتفي بالعلم بكذبه، والثاني يوجب الأسوئيّة، فيتعين الأوّل. فتمام روح الدليل هو إبطال كون الأمر بالتبيّن أمراً شرطيّاً للحجّيّة الموجب للاستغناء عن مقدّمة الأسوئيّة، ولا يختلف بحاله أن يفرض إرشاداً إلى وجوب تحصيل العلم بالواقع، أو يفرض إرشاداً إلى أحد الفردين وهو تحصيل العلم بالواقع لا إلى وجوبه معيّناً. فإشكال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) وإن كان قد يرد على حاقّ المدلول اللفظيّ للعبارة لكن روح الدليل تبقى سالمة عن هذا الإشكال.

نعم، يرد عليه: أنّ هذا البيان غير كاف لإثبات عدم كون الأمر بالتبيّن أمراً شرطيّاً، فصحيح أنّ الحجّيّة الشرعيّة لا يمكن أن تشترط بالعلم ولكن جامع كون تطبيق العمل على الخبر مؤمّناً للإنسان يمكن أن يشترط بالعلم، فبالإمكان حمل الأمر بالتبيّن على الأمر الشرطيّ بهذا المعنى، ويكون مفهومه أنّ مؤمّنيّة العمل بخبر العادل غير مشروطة بالعلم، وهذا يعني حجّيّة خبر العادل بلا حاجة إلى مقدّمة الأسوئيّة.