المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

406

الندامة لا يناسب الوجوب النفسيّ للتبيّن، وإنّما يناسب الوجوب الطريقيّ له.

الاحتمال الثاني: ما اختاره المحقّق العراقيّ(رحمه الله) بناءً على حمل التبيّن على معنى تحصيل العلم لا تحصيل ما يعمّ الظنّ مثلاً، وهو: أن يكون المقصود بالأمر بالتبيّن الإرشاد إلى حكم العقل بوجوب التبيّن وتحصيل العلم بالواقع، فإنّ العقل يستقلّ بلزوم تحصيل العلم بالواقع عند عدم قيام حجّة تقوم مقام العلم، وذكر(قدس سره): أنّه على هذا نحتاج إلى مقدّمة الأسوئيّة؛ لأنّ الآية أرشدت إلى وجوب تحصيل العلم إذا كان المخبر فاسقاً، ودلّت بالمفهوم على عدم وجوب تحصيل العلم إذا كان المخبر عادلاً، وعدم وجوب تحصيل العلم كما يمكن أن يكون بنكتة حجّيّة خبر العادل القائمة مقام العلم، كذلك يمكن أن يكون بنكتة العلم بكذبه فيردّ خبره بلا تبيّن، وبما أنّ الثاني يستلزم أسوئيّة حال العادل من الفاسق إذن تعيّن الأمر في حجّيّة خبر العادل.

أقول: إنّ أصل الاحتمال الذي استظهره في غير محلّه. وعلى فرض صحّته لا نحتاج إلى مقدّمة الأسوئيّة:

أمّا عدم صحّة ما استظهره من الاحتمال فلأنّه يرد عليه:

أوّلاً: أنّ العقل لا يستقلّ بوجوب تحصيل العلم بالواقع، وإنّما يستقلّ بوجوب تحصيل العلم بالامتثال ولو عن طريق الاحتياط، إلّا على مبنى مَن يقول بأنّ الامتثال التفصيليّ مقدّم على الامتثال الإجماليّ، لكن مَن يقول بذلك إنّما يقول به في خصوص باب العبادات، مضافاً إلى أنّ هذا المبنى باطل في نفسه(1).

 


(1) إنّما يرد هذا الإشكال على المحقّق العراقيّ(رحمه الله) لو أراد القول بأنّ الأمر بالتبيّن إرشاد إلى وجوب تحصيل العلم بالواقع بالخصوص. أمّا إذا كان المقصود كونه إرشاداً إلى