المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

405

نحوين: الأوّل: أن يجوز العمل به حتّى قبل التبيّن، والثاني: أن لا يجوز العمل به حتّى بعد التبيّن ومعرفة الصدق. والثاني غير محتمل لا من ناحية لزوم الأسوئيّة، بل من ناحية عدم معقوليّة حرمة العمل مع التبيّن وحصول العلم بالمطلب، فيتعيّن الشقّ الأوّل، وهو مساوق للحجّيّة بلا حاجة إلى فرض مقدّمة الأسوئيّة. هذا حاصل ما أفاده الشيخ الأعظم(قدس سره)، أو حاصل ما يمكن أن يكون مراداً له في المقام.

 

حقيقة الأمر بالتبيّن:

وتحقيق الحال في الحاجة إلى ضمّ مقدّمة الأسوئيّة وعدمها يبتني على تحقيق ما هو حقيقة الأمر بالتبيّن الوارد في الآية الكريمة، فهذا الأمر فيه احتمالات عديدة في بادئ النظر:

الاحتمال الأوّل: أن يكون أمراً نفسيّاً بوجوب التبيّن، بأن يكون إخبار الفاسق مقدّمة وجوبيّة لثبوت واجب نفسيّ على المكلّف، وهو التجسّس عن خبره، وبناءً على هذا تتصوّر الحاجة إلى مقدّمة الأسوئيّة. ولكن لا تتمّ المقدّمة؛ إذ لا تلزم من عدم حجّيّة خبر العادل أسوئيّة حال العادل من الفاسق كما مضى عند بيان كلام الشيخ الأعظم(رحمه الله).

إلّا أنّ هذا الاحتمال في نفسه غير صحيح كما ذكره الشيخ الأعظم(قدس سره)؛ إذ:

أوّلاً: لم يحتمل حتّى الآن أحد من الفقهاء أو المسلمين وجوب التجسّس نفسيّاً عن كلّ ما أخبر به الفاسق، فهذا ما دلّ الارتكاز والضرورة على عدم احتماله فقهيّاً، وهذا قرينة على عدم إرادة ذلك من الآية الكريمة.

وثانياً: أنّ حمل الأمر هنا على الوجوب النفسيّ خلاف ما يظهر من كلمة التبيّن، فإنّ مادّة التبيّن كعنوان التعلّم توجب ظهور الحكم المتعلّق به في الطريقيّة.

وثالثاً: أنّ التعليل الموجود في الآية هو خوف إصابة القوم بجهالة، وخوف