المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

404

يجب التبيّن عنه ولا يعمل به أيضاً، أو أنّه يعمل به بلا تبيّن. والأوّل يستلزم كون العادل أسوء حالاً من الفاسق، وهو باطل بالضرورة، فيتعيّن الثاني.

وذكر الشيخ الأعظم(قدس سره): أنّ تخيّل الحاجة إلى لزوم الأسوئيّة مبنيّ على تخيّل أنّ وجوب التبيّن هنا وجوب نفسيّ، فيقال: إنّ غاية ما يقتضيه المفهوم هو انتفاء هذا الوجوب النفسيّ، وأمّا حجّيّة النبأ فلا تفهم بذلك إلّا بعد إضافة أنّه لولا حجّيّته لزم كون العادل أسوء حالاً من الفاسق. ولكن حمل وجوب التبيّن على الوجوب النفسيّ غير صحيح، ولو صحّ لما صحّ القول بأنّ عدم حجّيّة خبر العادل مع عدم وجوب التبيّن يستلزم كون العادل أسوء حالاً من الفاسق؛ إذ لعلّه أوجب الله تعالى التجسّس عن خبر الفاسق لفضحه وكشف كذبه عن صدقه، ولم يوجب التجسّس عن خبر العادل، فهذا نحو مجاملة واحترام له ولطف به. هذا بناءً على الوجوب النفسيّ، أمّا إذا حملنا الوجوب على الوجوب الشرطيّ ـ كما هو الصحيح ـ فهذا يعني أنّ العمل بخبر الفاسق مشروط بالتبيّن، ويدلّ بالمفهوم على أنّ العمل بخبر العادل غير مشروط بالتبيّن، وهذا يعني حجّيّة خبر العادل بلا حاجة إلى ضمّ لزوم أسوئيّة حال العادل لولا الحجّيّة.

ومقصود الشيخ(رحمه الله) من كون التبيّن شرطاً للعمل بخبر الفاسق ـ على ما يتراءى من عبارته ـ كونه شرطاً للعمل بخبر الفاسق بلحاظ عالم المولويّة.

فمن الواضح أنّ التبيّن ليس شرطاً في وجود العمل بخبر الفاسق تكويناً، وإنّما هو شرط لوجوده بحسب لحاظ المولى، فكأنّ المولى قسّم العمل بخبر الفاسق إلى قسمين: العمل بلا تبيّن، والعمل بتبيّن، وقد حرّم القسم الأوّل مولويّاً، فبنظره التحريميّ كأنّه أعدمه في الخارج، فبعد إعدام القسم الأوّل إعداماً تشريعيّاً انحصر العمل بخبر الفاسق بالقسم الثاني وهو مشروط بالتبيّن لا محالة، ويدلّ هذا بالمفهوم على أنّ العمل بخبر العادل غير مشروط بالتبيّن. وهذا يكون بأحد