المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

397

صنّف فيه كتاباً ولا أملى فيه مسألة، فكيف تدّعون أنتم خلاف ذلك؟! قيل له: الذين أشرت إليهم من المنكرين لأخبار الآحاد إنّما كلّموا مَن خالفهم في الاعتقاد ودفعوهم عن وجوب العمل بما يروونه من الأخبار المتضمّنة الأحكام التي يروون هم خلافها، وذلك صحيح على ما قدّمناه، ولم نجدهم اختلفوا فيما بينهم، وأنكر بعضهم على بعض بما يروونه، إلّا مسائل دلّ الدليل الموجب للعلم على صحّتها، فإذا خالفوهم فيها، أنكروا عليهم؛ لمكان الأدلّة الموجبة للعلم والأخبار المتواترة بخلافه.

فأمّا مَن أحال ذلك عقلاً، فقد دللنا فيما مضى على بطلان قوله، وبيّنّا أنّ ذلك جائز، فمن أنكره كان محجوجاً بذلك ...)(1).

والظاهر: أنّ مقصوده من شيخه الذي يقول بعدم حجّيّة خبر الواحد لأنّ السمع لم يرد به هو السيّد المرتضى(رحمه الله)، فقد فسّر ذلك بما أشرنا إليه: من احتمال إرادة مخاصمة العامّة بذلك. ولا ينبغي أن يحمل ذلك على كونه تفسيراً اجتهاديّاً، فإنّه تفسير تلميذ لكلام اُستاذه بعد طول معاشرته وخبرته، وهذه المسألة كانت محلاًّ للابتلاء في تمام أبواب الفقه، وليست هي مسألة زكاة مثلاً، أو أيّ مسألة اُخرى مرتبطة بكتاب آخر من كتب الفقه فقط حتّى يقال: لعلّ الشيخ لم يدرس على السيّد ذاك الكتاب، فحجّيّة خبر الواحد مسألة يكثر الابتلاء بها في كلّ أبواب الفقه من أوّلها إلى آخرها، فأيّ مقدار نفترض أنّه درس على اُستاذه لابدّ أنّه قد عرف ذوقه في مسألة خبر الواحد، وبعد الجزم بذلك يكون تفسيره حجّة في المقام في الكشف عن مراد السيّد. وبعد مثل هذه التفصيلات يحصل لنا الاطمئنان بأنّ مراد السيّد المرتضى(رحمه الله)ليس هو ظاهر كلامه، فلم تثبت لدينا دعوى الإجماع على عدم حجّيّة خبر الواحد.


(1) عدّة الاُصول، ج 1، ص 339 و340.