المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

396

وهذا أيضاً غير محتمل في المقام، فإنّه إنّما يحتمل إذا كان الناقلان متباعدين زماناً أو مكاناً، والسيّد والشيخ(رحمهما الله) كانا متعاصرين ومتعاشرين، وكان الشيخ تلميذاً للسيّد، وليس من التلامذة المتأخّرين، بل هو من الطبقة المتقدّمة، فقد أدرك اُستاذ السيّد، أعني: الشيخ المفيد، وتتلمذا عليه. إذن قد سمع من الشيخ المفيد ومعاصريه كما سمع السيّد المرتضى، فكلّ منهما متّصل بنفس الدائرة التي اتّصل بها الآخر، فلا يوجد بشأنهما هذا الاحتمال.

الثالث: أن يفرض التسامح في مقام النقل والتهاون وعدم الضبط.

ومن الواضح أنّ هذا الاحتمال في نفسه ساقط بالنسبة لمثل هذين الرجلين الجليلين العدلين.

فنستكشف من ذلك كلّه ـ ولو بنحو الاطمئنان ـ أنّ أحدهما جاء كلامه على خلاف ظاهره، والظاهر أنّ ذاك هو السيّد المرتضى لا الشيخ الطوسيّ(قدس سرهما)؛ وذلك لأنّه:

أوّلاً: يحتمل في كلام السيّد(رحمه الله) التقيّة، بأن كان مقصوده نفي الحجّيّة عن أخبار السنّة، لكنّه ذكر ذلك بصيغة عامّة مراعاة للتقيّة وللظروف الخارجيّة وقتئذ، ولا يحتمل في كلام الشيخ الطوسيّ التقيّة؛ إذ هو صرّح بالفرق بين أخبار الطائفة وغيرهم، وقال بأنّ الطائفة أجمعت على حجّيّة أخبار الثقات من الشيعة دون رواة الفرق الاُخرى.

وثانياً: أنّ الظاهر أنّ الشيخ الطوسيّ(رحمه الله) بنفسه فسّر كلام السيّد(قدس سره) بما ذكرناه، حيث ذكر في العدّة بعد دعوى الإجماع على حجّيّة خبر الواحد: (فإن قيل: أليس شيوخكم لا تزال يناظرون خصومهم في أنّ خبر الواحد لا يعمل به ويدفعونهم عن صحّة ذلك، حتّى أنّ منهم مَن يقول: لا يجوز ذلك عقلاً، ومنهم مَن يقول: لا يجوز ذلك؛ لأنّ السمع لم يرد به، وما رأينا أحداً منهم تكلّم في جواز ذلك، ولا