المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

392

والإنصاف أنّ من أصدق المصاديق للكلام الذي عليه نور هو هذه الرواية المباركة. وذكرنا هذه الرواية هنا للبحث عن جهات ثلاث:

الجهة الاُولى: أنّه قد يستشكل في المقام بلحاظ هذه الرواية الصحيحة سنداً، الواضحة دلالة، المخبرة عن وجود دسّ في كتب أصحاب أبي عبدالله(عليه السلام)وأصحاب الباقر(عليه السلام)، فهذا يولّد العلم الإجماليّ بوقوع التحريف والتبديل والدسّ في الروايات المأخوذة من تلك الكتب، فتسقط تمام تلك الروايات عن الحجّيّة. ويؤكّد هذا العلم الإجماليّ ما في ذيل الحديث: من إنكار الرضا(عليه السلام) روايات كثيرة ممّا أخذها يونس من اُصول الأصحاب.

ولا يقال: إنّ هذا الخبر يعارض أخبار أصحاب تلك الاُصول، كي يقال: ما هو المبرّر لتقديم هذا الخبر على تلك الأخبار؟ فإنّ هذا الخبر لا يكذّب زرارة وعمّار الساباطيّ وغيرهما، كي يقع التعارض بين خبره وخبرهم، وإنّما ينصّ هذا الخبر على أنّه دسّت في كتبهم روايات كاذبة(1). فما هو المخلص من ناحية هذا العلم الإجماليّ؟

 


لرواية محمّد بن عيسى بن عبيد عن يونس بنكتة صغر سنّة عند السماع، أو التشكيك في أصل السماع وقوّة احتمال الإرسال، أو الجزم به؛ لأنّ محمّد بن عيسى بن عبيد يروي عن الجواد(عليه السلام)، ويونس بن عبد الرحمن من أقدم أصحاب الرضا(عليه السلام)بحيث كان أدرك الصادق(عليه السلام) بين الصفا والمروة، ولكن لم يرو عنه. وعليه فلا يختصّ التضعيف بنقله لكتب يونس. وعلى أيّ حال، فالتشكيك في أصل السماع في المقام غير وارد؛ لتصريحه بأنّه كان حاضراً وسمع كلامه مباشرة. وقد روى محمّد بن عيسى عن جماعة قد أدركوا الصادق(عليه السلام) غير يونس، وصغر سنّه عند تحمّل الخبر غير مضرّ بعد ما كان عند الأداء رشيداً ثقة.

(1) على أنّه يكفي العلم الإجماليّ بكذب هذا الخبر أو كذب بعض تلك الأخبار.