المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

39

ويرد عليه: أنّه لا ثمرة في افتراض كون الحكم الظاهريّ في طول الحكم الواقعيّ ومتوقّفاً عليه أصلاً؛ إذ لو سلّم التضادّ بين الحكمين بقطع النظر عن هذا التوقّف لم يمكن رفع الإشكال بدعوى التوقّف؛ إذ غاية ما يقتضيه التوقّف هي: أنّ الحكم الظاهريّ لا يصير مانعاً عن الحكم الواقعيّ، لكن الحكم الواقعيّ يصير مانعاً عن الحكم الظاهريّ. وبعبارة اُخرى نقول: إنّ كون أحد الضدّين موجباً لوجود الضدّ الآخر مستحيل؛ لاستلزامه اجتماع الضدّين، فلابدّ من دفع التضادّ قبل دعوى التوقّف والطوليّة، ومع دفع التضادّ في الرتبة السابقة على ذلك لا تبقى ثمرة لتسليم هذه الطوليّة أو عدمه.

 


موضوع الحكم الظاهريّ لا بما هو صفة من الصفات وحالة من حالات المكلّف، بل بما هو موجب لتحيّر المكلّف من حيث العمل».

والحاصل: أنّ البراءة والاحتياط هما في مرتبة قبح العقاب بلا بيان، أي: أنّهما يحقّقان تنجيز الحكم الواقعيّ أو التعذير عنه، وليسا في رتبة نفس الحكم الواقعيّ، إذن لا تنافي بينهما وبين الحكم الواقعيّ. هذا مضافاً إلى ما له(رحمه الله) من بيان آخر لنفي التنافي بالنسبة لأصالة الاحتياط، وهو: أنّها إن وافقت الواقع فهي عين الواقع، وإن خالفت الواقع فليست إلّا خيالاً باطلاً.

ويرد عليه: أنّ الطوليّة حتّى بهذا المعنى لا علاقة لها برفع التنافي، ولا تستوجب عدم كون الحكم الظاهريّ نقضاً للغرض، وعدم كون البراءة العقليّة نقضاً للغرض ناتج من أنّها ليست عملاً للشارع حتّى يقال: إنّ الشارع نقض غرضه، وإنّما هو حكم للعقل. وأمّا البراءة الشرعيّة فهي فعل الشارع، ولم نعرف حتّى الآن كيف لا تكون نقضاً للغرض، ولا علاقة للطوليّة بهذا المعنى بنفي كونها نقضاً للغرض، كما أنّ كون أصالة الاحتياط عند المخالفة خيالاً باطلاً ممنوع.