المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

385


بقرينة قوله: «إنّ على كلّ حقّ حقيقة وعلى كلّ صواب نوراً» فكأنّه يقول: إنّ ما ليس عليه النور ليس حقّاً وصواباً. وهذا يعني نفي الصدور والصدق، لا مجرّد نفي الحجّيّة، وعليه لابدّ من حمله على مثل المخالفة التباينيّة؛ إذ لا شكّ إجمالاً في صدور المخالف بمثل الأخصّيّة عنهم(عليهم السلام).

وقد أورد اُستاذنا الشهيد في بحث التعادل والتراجيح على تفسير هذا الحديث بنفي الصدور بقرينة قوله: «إنّ على كلّ حقّ حقيقة وعلى كلّ صواب نوراً» بأنّ هذه العبارة لا تعني ملازمة دائميّة بين الحقّ والنور، وإنّما هي تعبير عرفيّ، حيث تعارف القول بأنّ الحقّ واضح وأنّ الكلام الصادق تبدو أماراته، وهذا لا يعني الملازمة الدائميّة بين الصدق وظهور أماراته. ويشهد لذلك قوله في صدر الحديث: «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة»، فإنّ ما خالف الكتاب، أو ما لم يوافقه لو كان مقطوع الكذب، لم يكن شبهة.

الثاني: ما جاء في تعارض الأدلّة ـ الطبعة الرابعة، ص 325 ـ: من حمل المخالفة في هذا الحديث على عدم الموافقة بقرينة قوله: «إنّ لكلّ حقّ حقيقة وعلى كلّ صواب نوراً»، وجعل التفصيل في الحكم بلزوم أخذ ما يوافق الكتاب وطرح ما يخالفه من تفريعات تلك الكبرى، وبالتالي يصبح مفاد الحديث إلغاء كلّ ما لا شاهد له من الكتاب عن الحجّيّة، والذي قد يكون عرفاً بحكم إلغاء الخبر عن الحجّيّة مطلقاً، وبعد اصطدام ذلك بالسيرة المتشرّعيّة القطعيّة يحمل على مثل التقيّة.

أقول: إنّ الجواب على الوجه الأوّل بأنّ قوله: «إنّ على كلّ حقّ حقيقة وعلى كلّ صواب نوراً» لا يعدو أن يكون تعبيراً متعارفاً عن أنّ الحقّ يتّضح، وأنّ الصواب تبدو دلائله في أغلب الأحيان، وإلّا فما أكثر الصواب الذي يبقى غير واضح، يصلح جواباً لهذا