المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

383

والتحقيق: رغم ذلك كلّه هو الالتزام بحجّيّة الأخبار المخالفة للكتاب بالعموم والخصوص المطلق؛ وذلك لأنّ هذا الحديث مخصّص بصحيحة الراونديّ، وهي التي رواها الراونديّ بسند تامّ عن عبد الرحمن ابن أبي عبدالله قال: «قال الصادق(عليه السلام): إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فردّوه. فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامّة، فما وافق أخبارهم فذروه، وما خالف أخبارهم فخذوه»(1).

فإنّ الظاهر من هذه الصحيحة أنّ كلّ واحد من الحديثين ـ بقطع النظر عن التعارض ـ كان حجّة، وإلّا لما كان التعارض موجباً للتحيّر، ولم تكن حاجة إلى


المظنون إنحلال هذا العلم الإجماليّ في المقام بما نعلم من تخصيصات وتقييدات قطعيّة عن طريق التواتر، أو الإجماع، أو ما يورث القطع أحياناً من مثل الشهرة، والإجماع المنقول، وبناءً على هذا لا يتمّ هذا الجواب أيضاً. وعلى الثالث يكون حال الجواب الثاني هو حاله على الاحتمال الثاني. ويكون الجواب الأوّل تامّاً؛ لأنّ حجّيّة الخبر المخالف بنحو القرينيّة تسقط الكتاب عن الحجّيّة الاقتضائيّة؛ لأنّ قرينيّة الخبر تثلم اقتضاء حجّيّة ذي القرينة.

أمّا ما هو الصحيح من هذه الاحتمالات الثلاثة، فقد كان مختار اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)في بحث التعادل والتراجيح حين حضرته هو الاحتمال الأوّل، فإنّ تقييد مخالفة الكتاب بأمر زائد من فرض الحجّيّة اللولائيّة أو الاقتضائيّة بحاجة إلى مؤونة زائدة، ولكن جاء في كتاب تعارض الأدلّة ترجيح الاحتمال الثاني؛ لأنّ الأمر بطرح ما خالف الكتاب ظاهر في توجيه المكلّف نحو العمل بالكتاب، وهذا إنّما يناسب فرض حجّيّة الكتاب لولا الخبر المخالف. أمّا أخذ قيد إضافيّ وهو تماميّة مقتضى الحجّيّة رغم الخبر المخالف فبحاجة إلى إعمال مؤونة زائدة مفقودة في المقام.

(1) الوسائل، ج 18، ب 9 من صفات القاضي، ح 29، ص 84.