المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

382

اُريد بعدم التعارض عدم وجود التنافي بينهما في مقام الدلالة، فهذا خلاف الواقع بناءً على ما بيّنّاه في بحث الظواهر: من أنّ القرينة المنفصلة لا توجب هدم الظهور التصديقيّ. وإن اُريد بذلك عدم استحكام التنافي بحيث يوجب التساقط، بل يقدّم هذا على ذاك في مقام الحجّيّة، فهذا صحيح، إلّا أنّ هذا علاج للتعارض، وليس موجباً لنفي صدق عنوان المخالفة، فإنّ الملحوظ في المخالفة إنّما هو عالم الدلالة والظهور، والمخالفة في هذا العالم ثابتة وإن قدّم أحدهما على الآخر في مقام الحجّيّة(1).

 


(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في بحث التعادل والتراجيح في تحقيق حال الجواب عن صحيحة جميل بأنّ مثل المخالفة بالأخصّيّة لا تعدّ مخالفة، وكذلك الجواب عنها بأنّ العلم الإجماليّ بصدور مثل المخالفة بالأخصّيّة يمنع عن الاستدلال بها على عدم حجّيّة المخالف بالأخصّيّة ونحوها: أنّ تحقيق الحال في هذين الجوابين موقوف على فهم معنى ما جاء فيها: من مخالفة الكتاب، فهل تقصد بها المخالفة لمضمون الكتاب مطلقاً، أو المخالفة لمضمون الكتاب الذي يكون حجّة لولا هذا المعارض، أو المخالفة لمضمون الكتاب التامّ فيه مقتضى الحجّيّة رغم هذا المعارض؟ فعلى الأوّل لا يتمّ شيء من الجوابين؛ لأنّ المخالفة بالقرينيّة أيضاً مخالفة، فلا يتمّ الجواب الأوّل، والعلم الإجماليّ بالصدور لا ينافي العلم الإجماليّ، فلا يتمّ الجواب الثاني. وعلى الثاني لا يتمّ الجواب الأوّل أيضاً؛ لثبوت الحجّيّة اللولائيّة في المقام، أي: لولا المعارض لكانت الآية حجّة. إذن فالحديث مخالف لمضمون الكتاب الذي يكون حجّة لولاه. وأمّا الجواب الثاني، فبالإمكان أن يقال بتماميّته؛ لأنّ العلم الإجماليّ بالتخصيص والتقييد يسقط عمومات الكتاب ومطلقاته عن الحجّيّة، ولا تعود إلى الحجّيّة إلّا بعد الحصول على المقدار المعلوم بالإجمال ضمن المخصّصات والمقيّدات، إذن فالحجّيّة اللولائيّة منثلمة في المقام، وعليه فالمخصّص في المقام ليس مخالفاً لمضمون الكتاب المتمتّع بالحجّيّة اللولائيّة، إلّا أنّ