المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

379

الثالث: ما دلّ على نفي صدور المخالف مع بيان نكتة ذلك: من أنّ هذا لا يناسبنا، وأنّ قولنا قول الله(1)، ونحو ذلك. وهذا لا يشمل المخالفة بالعموم من وجه، كما لا يشمل المخالفة بالعموم المطلق، فإنّ ورود ما لا يلزم من تقديمه على الكتاب عدا التخصيص والتقييد للكتاب ليس ممّا لا يناسبهم(عليهم السلام) بلا فرق بين كون ذلك بنحو الأخصّيّة أو العموم من وجه. نعم، في مورد العموم من وجه لا يساعد اللفظ على الجمع بالتخصيص، لكن على فرض التقديم لا يلزم إلّا محذور التخصيص لا التكذيب، وهو ليس بعيداً عنهم. فهذا القسم يختصّ بالمخالفة التباينيّة، بل لعلّه لا يشمل أيضاً مطلق موارد المخالفة التباينيّة، بل بعض مواردها.

إذا عرفت ذلك قلنا: بناءً على ما مضى نقله عن الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ: من أنّ روايات الباب إنّما تثبت أخصّ المضامين؛ لأنّه الذي يتركّز عليه التواتر الإجماليّ، وما عداه لا يثبت في المقام؛ لعدم إمكان الاستدلال على عدم حجّيّة خبر الواحد بخبر الواحد، يمكن القول هنا بأنّ أخصّ المضامين إنّما هو ما دلّ على عدم حجّيّة الخبر المخالف للكتاب بالمخالفة التباينيّة، ولا ضير في ذلك.

أمّا بناءً على ما مضى منّا: من إمكان الاستدلال بخبر الواحد المشمول للسيرة العقلائيّة على عدم حجّيّة أخبار اُخرى غيره، فقد يقال في المقام: إنّ هناك رواية واحدة صحيحة السند ومشمولة للسيرة العقلائيّة، وتدلّ على الردع عمّا خالف الكتاب ولا تشمل نفسها؛ لأنّها غير مخالفة للكتاب، ومفادها ليس هو الردع عمّا يخالف الكتاب مخالفة تباينيّة فحسب، بل إطلاقها يشمل المخالف بالأخصّيّة. وهي صحيحة جميل بن درّاج عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «الوقوف عند الشبهة خير


(1) كأنّه إشارة إلى ما سيأتي ـ إن شاء الله ـ بعد صفحات: من رواية يونس بن عبد الرحمن، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله(عليه السلام).