المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

375

الفقه، بأن يقع التعارض بين عامّين من وجه ويكون الأمر بحيث لو قدّمنا هذا على ذاك كان في قوّة تقديم أحد العامّين من وجه على الآخر بلا مبرّر، ولو قدّمنا ذاك على هذا، كان التقديم بالمبرّر الذي يجعل الخاصّ مقدّماً على العامّ. ومن المعلوم أنّه متى ما دار الأمر بين تقديم هذا بلا مبرّر وتقديم ذاك بمقتضى الصناعة تعيّن الثاني في مقابل الأوّل لا محالة(1).

 


(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في بحث التعادل والتراجيح: أنّ هذا بناءً على كون مفاد رواية ابن أبي يعفور إسقاط حجّيّة خبر الواحد مطلقاً. أمّا لو قلنا: إنّ مفادها إسقاط ما لا شاهد له من الكتاب، فالأمر أوضح؛ لأنّ خبر الواحد الذي دلّ على حجّيّة أخبار الآحاد في الأحكام له شاهد من كتاب الله وهو آية النفر، فهذا حجّة يقيناً، فتخصّص به رواية ابن أبي يعفور بلا حاجة إلى ما عرفته من البيان.

ولاُستاذنا الشهيد(رحمه الله) جوابان آخران على رواية ابن أبي يعفور ذكرهما في بحث التعادل والتراجيح:

أحدهما: أنّ رواية بن أبي يعفور بعد تفسيرها بنفي الحجّيّة لا محيص عن تخصيصها باُصول الدين ونحوها من المعارف الإلهيّة من قبيل تفاصيل القيامة وأمثال ذلك، ولا تشمل الأحكام؛ وذلك لوجود مخصّص قطعيّ كالمتّصل، وهو ارتكاز الأصحاب ـ ومنهم نفس ابن أبي يعفور راوي هذه الرواية ـ الذين كانوا يهتمّون بضبط الأحاديث ولو مع الواسطة، ويعملون بها وبنقل أحاديث الآخرين، ويتوقّعون من الآخرين العمل بهذا النقل، فإنّ حجّيّة الخبر في باب الأحكام كانت ارتكازيّة عندهم.

أمّا لو افترضنا ظهور رواية ابن أبي يعفور في نفي الصدور، فنحن قاطعون بكذب مفادها حتّى في مثل اُصول الدين، ففرق بين الإمام وبين الفقيه الاعتياديّ، فالفقيه لا يجوز له الإفتاء بغير ما في الكتاب والسنّة. أمّا الإمام فمن شأنه ـ بحسب فكرة الشيعة عن الإمامة ـ أن يبيّن التفاصيل والاُمور التي لم تصلنا في الكتاب أو سنّة الرسول(صلى الله عليه وآله)،على