المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

372

وأمّا معارضته للسنّة القطعيّة بالعموم من وجه، فلأنّ السنّة القطعيّة دلّت كما سيأتي ـ إن شاء الله ـ على جعل الحجّيّة لخبر الثقة في الأحكام، ولا يمكن تقييدها بخصوص ما إذا كان مضمونه موجوداً في القرآن الكريم، فإنّ هذا تقييد بالفرد النادر، ولكن يمكن تقييد بعضها بباب أخذ العامي للفتوى من الفقيه، فإنّ السنّة القطعيّة لم تدلّ على حجّيّة خبر الثقة بالنصوصيّة، وإنّما دلّت على ذلك بالإطلاق، فإنّ مثل قوله: «أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما احتاج إليه من معالم ديني؟ فقال: نعم»(1) يدلّ بالإطلاق على أمرين: أخذ العامي للفتوى من الفقيه، وأخذ الفقيه للخبر من الراوي، فإنّ كليهما أخذ لمعالم الدين. فالفتوى مادّة للافتراق للسنّة القطعيّة، والخبر الذي لا يوافق الكتاب إن كان في مثل اُصول الدين، وأخبار السماء والعالم، فهو مادّة للافتراق لهذا الحديث، وإن كان في باب الأحكام فهو مادّة للاجتماع.

فإذا كان هذا الحديث معارضاً للكتاب والسنّة القطعيّة كان مردوعاً عنه بما دلّ على طرح المخالف للكتاب والسنّة القطعيّة(2). فكما يقال: إنّ هذا الحديث مشمول للسيرة العقلائيّة ورادع عن باقي الأحاديث يمكن أن يقال: إنّ ما أمر بطرح مخالف الكتاب والسنّة مشمول للسيرة العقلائيّة ورادع عن هذا الحديث.

وما سيأتي من الخبر المختار تماميّة الاستدلال به على طرح المخالف ولو


(1) الوسائل، ج 18، ب 11 من صفات القاضي، ح 33، ص 107.

(2) هذا إن لم نحمله على المخالفة للروح العامّة للكتاب، وإلّا لم يدلّ على سقوط ما يعارض الكتاب بالعموم من وجه. وقد أشار إلى عدم دلالته على ما يعارض الكتاب بالعموم من وجه في تعارض الأدلّة(1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تعارض الأدلّة، الطبعة الرابعة، ص 335.