المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

37

الظاهريّ، ويكون منحفظاً معه، فيجتمعان في مرتبة واحدة.

وهذا الجواب لا يرجع إلى محصّل؛ إذ بعد فرض أنّه اُخذ في موضوع الحكم الظاهريّ ما هو في طول الحكم الواقعيّ لا يعقل اجتماعهما في رتبة واحدة، بل دائماً يوجدان في رتبتين طوليّتين لا يصعد هذا إلى تلك المرتبة، ولا ينزل ذاك إلى هذه المرتبة.

والصحيح في الجواب عن هذا الوجه أمران:

الأوّل: أنّ التأخّر الذي يمكن توهّمه للشكّ في الشيء عن نفس ذلك الشيء هو التأخّر الطبعيّ، والتحقيق عدم تأخّر الشكّ في الشيء عن ذلك الشيء بالتأخّر الطبعيّ، فإنّ ميزان التأخّر الطبعيّ هو: أن يكون الشيء بحيث مهما انعدم ذاك انعدم هذا، دون العكس، لا من باب كون الأوّل لازماً للثاني، مثاله: تأخّر الاثنين عن الواحد وتأخّر المعلول عن جزء العلّة. وهذه النكتة كما ترى غير موجودة فيما نحن فيه، فإنّه قد يشكّ في الشيء بدون أن يكون ذلك الشيء موجوداً(1).

الثاني: أنّا لو سلّمنا تعدّد الرتبة فهو لا يفيد شيئاً في المقام، فإنّ مشكلة التضادّ لا ترتفع بتعدّد الرتبة، ولذا لو اُخذت الحرمة ـ مثلاً ـ موضوعاً للوجوب، وجعل وجوب شيء مشروطاً بحرمته، لم ترتفع مشكلة التضادّ بين الوجوب والحرمة، كما هو واضح بالوجدان، كما أنّ مشكلة نقض الغرض لا ترتفع بذلك؛ إذ لو كان في الفعل غرض لزوميّ، وكان الحكم الظاهريّ المتأخّر عن الحكم الواقعيّ عبارة عن الإباحة مثلاً، فإن لم تترتّب على هذه الإباحة التوسعة على المكلّف، بأن لا يكون


(1) نعم، الشكّ في الشيء لا ينفكّ عن المشكوك بالذات، وبالإمكان أن يقال بتأخّره عن المشكوك بالذات تأخّر العارض عن معروضه، لكن لا ينبغي أن يوجب هذا توهّم تأخّر الشكّ عن المشكوك بالعرض الذي هو المفيد في المقام.