المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

368

«إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله(صلى الله عليه وآله)،وإلّا فالذي جاءكم به أولى به»(1). وقد مضى أنّنا لا نحتاج في مقام إثبات الردع إلى السنّة المتواترة، بل يكفي خبر واحد مشمول للسيرة العقلائيّة في نفسه، وهذا اللسان وارد في رواية ابن أبي يعفور من قِبل اُناس كلّهم ثقات، فهو مشمول للسيرة العقلائيّة رادع عن باقي الأخبار غير الموافقة للكتاب الكريم.

وهذا غاية ما يمكن أن ينتصر به للاستدلال بما ورد من الإرجاع إلى موافقة الكتاب على سقوط ما لا يوافق الكتاب رغم عدم المخالفة أيضاً عن الحجّيّة بعد تصفية روايات الباب، بحيث لم تبق منها عدا هذه الرواية، وبعد الاستدلال بها بهذه الكيفيّة نقول: إنّ لذلك ثلاثة أجوبة:

الجواب الأوّل: أنّه لو تمّ الاستدلال بهذا الحديث، فإنّما يتمّ بناءً على تماميّة دلالة الآيات الرادعة عن العمل بالظنّ وغير العلم على عدم الحجّيّة، كي يكون هذا الحديث بنفسه موافقاً للكتاب(2)، لكنّك عرفت عدم تماميّة دلالتها، فهذا الحديث يردع عن نفسه؛ لعدم موافقته للكتاب، وعندئذ لا يمكن الأخذ به. وهذا الجواب يتمّ ببركة تتميمه وتكميله بأحد الوجهين الماضيين في الجواب الثاني من أجوبة الطائفة الاُولى(3).

 


(1) الوسائل، ج 18، ب 9 من صفات القاضي، ح 11، ص 78.

(2) هذا مبنيّ على أنّ هذا الحديث يردع عن حجّيّة ما لا يوافق الكتاب، أمّا لو قلنا: إنّه يردع عن مطلق خبر الواحد، أمكن القول بأنّ هذا الحديث يردع عن نفسه سواء فرض هو موافقاً للكتاب أو لا.

(3) كان الوجه الأوّل عبارة عن دعوى القطع بعدم خصوصيّة لهذا الحديث بأن يكون هو وحده حجّة، وغيره غير الحجّة. والوجه الثاني عبارة عن أنّه إن أمكن ثبوت التفكيك بحجّيّة هذا الحديث دون غيره، فهو غير ممكن إثباتاً؛ لعدم إمكان التفصيل لا بلحاظ الدلالة؛ لأنّ شمول كلام الإمام لنقل نفس هذا الكلام ليس شمولاً للكلام لنفسه،