المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

367

بالقدر المتيقّن وهو المخالف للكتاب(1).

وكذلك الحال في الروايات التي اقتصرت على عنوان الموافقة وتوصيف ما لم يوافق الكتاب بأنّه زخرف(2) مثلاً، فإنّ الظاهر من التعبير بعدم موافقة الكتاب هو السلب بانتفاء المحمول، أي: أن توجد في الكتاب آية في بيان حكم مورد هذا الحديث ولا يوافقها هذا الحديث، لا السلب بانتفاء الموضوع. وهذا ظهور يتّفق كثيراً في الأعدام المضافة إلى جملة من العناوين. وإن شئت فعبّر عنه بالظهور في العدم المقابل للكلمة دون العدم بانتفاء الموضوع، فقولنا: (فلان ليس ببصير) أو (ليس بأعمى) ظاهر في أنّ من شأنه أن يكون بصيراً أو أعمى، لكنّه ليس ببصير أو ليس بأعمى، لا أنّه كالجدار، لا موضوع فيه للبصر أو للعمى(3).

إذن لا يبقى ما يدلّ على أنّ المقياس هو الموافقة عدا لسان واحد وهو لسان:


(1) وكذلك يمكن الاستشهاد على حمل الموافق على غير المخالف ببعض الشواهد الاُخرى من شواهد حمله على موافقة المزاج العامّ، كأن يقال: إنّ الأمر بالأخذ بما وافق الكتاب ظاهر في المولويّة، وهو لا معنى له غالباً في الموافق، بينما هو معقول في غير المخالف، كما أنّ نفي الصدور لا يناسب مجرّد عدم الموافقة؛ لعلمنا بأنّهم(عليهم السلام) كانوا يصدرون ما لا يوافق الكتاب، ولكنّه يناسب فرض المخالفة. وكذلك التفصيل بين ما لم يوافق وما اشتبه أمرهبالردّ في الأوّل والتوقّف في الثاني لا يناسب إرادة معنى الموافقة بالمعنى الحرفيّ، ولكن يناسب حمل عدم الموافقة على المخالفة.

(2) راجع الوسائل، ج 18، ب 9 من صفات القاضي، ح 12 و14، ص 78 و79.

(3) لا يخفى أنّ هذا الوجه لو تمّ، لكان معنى ذلك أنّ حمل عدم الموافقة على المخالفة ليس فيه أيّ مؤونة لظهور العدم المضاف إلى عنوان في العدم المقابل للملكة. إذن فهذا الحمل أولى من الحمل على عدم الموافقة للمزاج العامّ للكتاب، بينما ظاهر كلام اُستاذنا (رضوان الله عليه) هو: أنّه إنّما نذهب إلى الحمل على معنى المخالفة فيما لم تتمّ شواهد الحمل على عدم الموافقة للمزاج العامّ.