المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

366

والتحقيق: أنّ أكثر الروايات التي جاء فيها ذكر موافقة الكتاب ـ بعد فرض عدم كون المقصود من الموافقة الموافقة مع المزاج العامّ ـ لا تدلّ في الحقيقة على أكثر من إسقاط ما خالف الكتاب عن الحجّيّة، فإنّ جملة منها ذكر فيه عنوان الموافقة والمخالفة معاً فقال: «ما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه». ومن الواضح أنّ هذا ظاهر في إعطاء الضابط الكلّي، وهذا لا يناسب مع ما هو معلوم: من أنّ الشقّ الثالث ـ وهو الذي لا يوافق ولا يخالف الكتاب ـ هو القسم الأوسع من الأخبار، فلابدّ إمّا من حمل الموافقة على عدم المخالفة، أو المخالفة على عدم الموافقة، فإن لم ندّع أنّ الظاهر عرفاً هو تحكيم الضابط الأخصّ في الضابط الأعمّ، وحمل عدم الموافقة (وهو الأعمّ) على المخالفة (وهي الأخصّ)، فلا أقلّ من فرض الإجمال، فلا يمكن التمسّك بهذه الأخبار لنفي الحجّيّة إلّا


وإنّما حال الحديث هنا حال ما اشتبه الأمر فيه. بينما لو كان المقصود هو الموافقة للمزاج العامّ للقرآن، فالفرق بين الموردين واضح؛ للقطع بخطأ الأوّل، والشكّ في خطأ الثاني.

وأمّا حديث عبدالله ابن يعفور فيمكن صرفه إلى معنى موافقة المزاج العامّ للكتاب لو تمّ ما جاء في كتاب تعارض الأدلّة ـ للسيّد الهاشميّ حفظه الله، الطبعة الرابعة،ص 334 ـ: من أنّ كلمة «شاهد» الواردة في هذا الحديث تشير إلى ذلك؛ لأنّ هذه الكلمة تعطي معنى أعمّ من الموافق.

كما أنّه جعل في هذا الكتاب ما نعرفه من وضع الأئمّة(عليهم السلام) ووظيفتهم: من شرح أحكام وتفاصيل غير موجودة في القرآن الكريم قرينة على صرف الموافقة في جميع هذه الروايات إلى معنى الموافقة للمزاج العامّ للقرآن.

ولكن لقائل أن يقول ـ كما مضى ـ: إنّ هذا قرينة على صرف ما ورد بلسان نفي الصدور، أمّا ما ورد بلسان نفي الحجّيّة، فلا تنافي بينه وبين علمنا بكون دأب الأئمّة(عليهم السلام)هو بيان الأحكام وتفاصيل غير موجودة في الكتاب الكريم.