المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

363

وذاك الاحتمال هو: أن يكون المقصود بموافقة الكتاب الكريم الملائمة للمزاج والإطار العامّ للقرآن، بأن لا يكون مخالفاً لمسلّمات الشريعة(1) التي يكون مثالها الكامل هو القرآن، باعتبار أنّ القرآن هو كتاب الشريعة ودستورها. وبناءً على هذا الاحتمال يكون محصّل هذه الأخبار هو: أنّه كلّما ورد حديث غير موافق في المضمون للإطار والذوق العامّ للكتاب الكريم كان هذا الحديث ساقطاً سواء كان في الأحكام أو في العقائد. وهذا الحديث في الحقيقة ممّا يقطع بعدم مطابقة مضمونه للواقع؛ لعدم ملائمته مع مسلّمات الشريعة(2). وعلى هذا لا ترتبط هذه الأخبار بما نحن فيه أصلاً، ويوجد لهذا الاحتمال بعض اُمور تكون مؤيّدة له أو موجبة لاستشعاره أو قرينة عليه على اختلاف مراتب التأييد:

فمنها: أنّه يوجد في جملة من الأخبار عنوانان، فقيل: «ما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه»(3)، ولم يفرض شقّ ثالث. فلو فرض أنّ المراد بالموافقة هي الموافقة لنصّ خاصّ للكتاب، وبالمخالفة هي المخالفة لنصّ خاصّ له، لكان الشقّ الثالث المسكوت عنه في المقام أكثر من كلا هذين القسمين


(1) يقصد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) حمل الروايات الواردة في تحكيم الكتاب بالموافقة وعدمها في الأخبار بشكل عامّ على الموافقة والمخالفة للمزاج والإطار العامّ للقرآن. أمّا روايات الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامّة، فخارجة عن مصبّ بحثه هنا. ومن الواضح عدم صحّة حملها على هذا المعنى.

(2) ومثّل اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في بحث التعادل والتراجيح لذلك بما إذا ورد ما يحلّل الكذب والإيذاء في اليوم التاسع من ربيع، فإنّ هذا مخالف للروح العامّة للكتاب، أو ما يذمّ طائفة من البشر ويبيّن خسّتهم ودناءتهم وأنّهم قسم من الجنّ، فإنّ هذا أيضاً مخالف للروح العامّة للكتاب المبنيّة على أساس المساواة بين الأقوام والشعوب.

(3) راجع الوسائل، ج 18، ب 9 من صفاة القاضي، ح 10 و15 و35.