المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

361

في مقابل ذلك: إنّه إن لم يمكن الاستدلال بخبر الواحد على نفي حجّيّة نفس ذلك الخبر، فالاستدلال به على نفي حجّيّة باقي الأخبار لا عيب فيه، فنحن نثبت حجّيّة هذا الخبر بالسيرة العقلائيّة الدالّة على حجّيّة خبر الواحد، وهذا الخبر هو رادع عن الأخذ بتلك السيرة في باقي الأخبار.

الوجه الثاني: أنّنا نعلم إجمالاً بصدور أخبار كثيرة عنهم(عليهم السلام) لا يوجد مضمونها في القرآن الكريم، وهذا العلم الإجماليّ ليس موجوداً عندنا فقط، بل موجود عند كلّ أحد حتّى مَن سمع الإمام(عليه السلام) يقول: «إنّ ما لم يوافق الكتاب فهو زخرف». ومن الواضح أنّ إطلاق هذه الأخبار مناقض لهذا العلم الإجماليّ، فلابدّ إذن من التأويل. وإذا سقط ظهورها عن الحجّيّة وتعيّن التأويل انفتحت أبواب عديدة للتأويل، كالحمل على مورد التعارض وبيان مرجّحيّة الكتاب لأحد الخبرين المتعارضين، أو الحمل على مورد اُصول الدين ونحو ذلك من الوجوه.

وهذا الوجه أيضاً غير تامّ بحسب الصناعة ما لم تضمّ إليه الضمائم التي سنشير إليها إن شاء الله؛ وذلك لأنّ لسان جعل الموافقة معياراً يكون على نحوين. فتارةً يفرض كونه ناظراً إلى الإخبار عن عدم صدور ما لا يوافق الكتاب عنهم(عليهم السلام)، كما يظهر من كلمة زخرف(1). واُخرى يفرض كونه ناظراً إلى نفي الحجّيّة لا نفي الصدور، كما يظهر من قوله: «إذا ورد عليكم حديث، فوجدتم له شاهداً من كتاب الله، أو من قول رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وإلّا فالذي جاءكم به أولى به»(2).

 


(1) الوسائل، ج 18، ب 9 من صفات القاضي، ح 12 و 14، ص 78 و 79.

(2) المصدر السابق، ح 11، ص 78. وقد أبدى اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في بحث التعادل والتراجيح في قوله: «أولى به» احتمالين:

أحدهما: أن يكون المقصود أولى به منكم؛ لأنّه أدرى بصدقه وكذبه. وهذا يعني نفي