المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

358

الثاني والثالث أيضاً بفرضه متواتراً أو بنحو آخر، قلنا: إنّ هذا الحديث لا يقاوم أدلّة الحجّيّة. وتوضيح ذلك: إنّ أدلّة الحجّيّة ثلاثة:

الأوّل: الآيات. وهي على فرض تماميّة دلالتها تعارض هذا الحديث بالعموم من وجه، بيانه: أنّ آية النبأ تشمل بمفهومها فرض عدم النبأ، وتشمل هي أيضاً مع آية النفر الخبر الذي أورث العلم، فالآيتان من هذه الناحية أعمّ من هذا الحديث. وهذا الحديث من ناحية اُخرى أعمّ من الآيتين؛ لأنّه يشمل فرض التعارض، بل هو مورده، بينما آيات الحجّيّة لا تشمل فرض التعارض؛ لابتلائها في هذا الفرض بالتعارض الداخليّ المسقط للظهور. وأيضاً آية النفر تختصّ بباب الأحكام، بينما هذا الحديث مطلق بلحاظ باب الأحكام وغيره(1).

فإذا وقع التعارض بالعموم من وجه بين هذا الحديث والآيات، فإن لم نفرض هذا الحديث متواتراً وكان التنازل عن الإشكالات السابقة بوجه آخر، سقط هذا الحديث عن الحجّيّة؛ لأنّ الخبر الظنّيّ المعارض للكتاب بالعموم من وجه ليس حجّة؛ لورود الردع عنه في بعض الأخبار، كما سيأتي في محلّه إن شاء الله.

فإن قلت: كما أنّ بعض الأخبار يردع عن الأخذ بالخبر المخالف للكتاب ومنه هذا الحديث كذلك هذا الحديث يردع عن الأخذ بخبر الواحد، ومنه ذاك الخبر الرادع عمّا يخالف الكتاب، فالترادع من الطرفين.


(1) لا يقال: إنّ مورد الحديث هو روايات الأحكام؛ بدليل ما جاء في السؤال من قوله: «كيف العمل به»، فهذا الحديث لا يشمل غير موارد الأحكام.

فإنّه يقال: لو فرضنا أن مورد السؤال أخلّ بإطلاق الجواب، فقد رجع الإشكال الأوّل، وهو الإشكال الدلاليّ، والمفروض الآن هو التنزّل عن الإشكالات السابقة، فلنفرض أنّ مورد السؤال لا يخلّ بإطلاق الجواب، وعليه فإطلاق الجواب يشمل غير باب الأحكام.