المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

353

الموصول التي تتمتّع بالإهمال والمرونة.

الثاني: أنّه لو سلّمنا دلالة هذا الكلام على عدم حجّيّة خبر الواحد، قلنا: إنّ هذا الخبر بنفسه أيضاً خبر الواحد، وعندئذ بالإمكان أن نقول: إنّنا لا نحتمل الفرق بين هذا الخبر وغيره من الأخبار بأن يكون هو حجّه وغيره غير حجّة، وعليه فحجّيّة هذا الخبر غير معقولة؛ إذ مفاده عدم حجّيّة الخبر المساوق لعدم حجّيّة نفسه، فنحن نعلم أنّه على تقدير حجّيّته خبر كاذب، وجعل الحجّيّة لخبر من هذا القبيل مقطوع العدم؛ إذ لا يترتّب عليه تنجيز أو تعذير، وإن شئت فقل: إنّ صدوره من الحكيم صدور اللغو منه، وهو غير محتمل. وإن شئت فقل: إنّ الحجّيّة بلا تنجيز وتعذير لا معنى لها، فلا تتصوّر الحجّيّة حتّى بغضّ النظر عن عدم معقوليّة صدور اللغو من الحكيم.

أمّا لو تنزّلنا وفرضنا احتمال ميزة لهذا الخبر عن غيره بأن يكون هذا الخبر


في ذلك لولا إرادة التعدّي عن المورد كان هو الجواب بمثل قوله: (نعم أكرمه)، فالعدول عن ذكر خصوصيّة الشيخ المفيد إلى ذكر عنوان أوسع ـ وهو العالم ـ قرينة على عدم الاختصاص بالمورد، فيتمّ الإطلاق في الوارد وتجري مقدّمات الحكمة لإثبات ما قد لا تثبته تلك القرينة العرفيّة، كشموله للعادل والفاسق مثلاً. أمّا إذا لم توجد نكتة عرفيّة من هذا القبيل ولم يكن في المقام شيء عدا مقدّمات الحكمة، فمن الواضح أنّ مجرّد وجود ما يصلح للقرينيّة كاف للإجمال وعدم تماميّة الإطلاق، والمورد صالح للقرينيّة، وإنّما لا يصلح المورد لتخصيص الوارد فيما لو تمّ عموم أو إطلاق للمورد بأن لم يخلّ المورد بمقتضى الإطلاق، فعندئذ نقول: إنّ المورد لا يصلح مانعاً عن الإطلاق بعد تماميّة مقتضيه.