المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

350

لها، وإن كانت سابقة عليها، فهما متعارضتان.

ونتيجة ذلك: أنّ الآيات الدالّة على عدم حجّيّة خبر الواحد ساقطة عن الحجّيّة؛ لأنّنا قطعنا بأنّها إمّا مبتلاة بالنسخ، أو بالمعارض؛ إذ لو كانت آيات الحجّيّة متأخّرة عنها فهي ناسخة لها، ولو كانت سابقة عليها فهما متعارضتان بالعموم من وجه. بينما الآيات الدالّة على الحجّيّة نعلم بعدم ابتلائها بالنسخ، ولا نجزم بابتلائها بالمعارض؛ لاحتمال تأخّرها عن آيات نفي الحجّيّة، وعلى تقدير تأخّرها لا تعارضها آيات عدم الحجّيّة. إذن فآيات الحجّيّة حجّة لنا؛ لعدم العلم بما يعارضها.

وقد يفرض إنكار الكبرى، وهي تعيّن ناسخيّة الآيات المتأخّرة، وعندئذ فيقع التعارض بين الآيات والتساقط، وتبقى السيرة الثابتة على الحجّيّة سليمة عن الرادع، فإنّ إطلاقاً قرآنيّاً معارضاً لإطلاق قرآنيّ آخر ليس ممّا يمكن للشارع الاكتفاء به في مقام الردع عن السيرة. فالنتيجة أيضاً هي حجّيّة خبر الواحد.

الثالث: أنّنا لو سلّمنا دلالة الآيتين على عدم الحجّيّة وعدم ابتلائهما بدليل لفظيّ مخصّص ولا ناسخ ولا معارض، قلنا: إنّ إطلاق خطاب أو خطابين بهذا النحو من الدلالة الظنّيّة لا يكفي للردع عن مثل السيرة القائمة على حجّيّة خبر الثقة.

 

2 ـ دعوى التمسّك بالسنّة:

وأمّا السنّة التي يستدلّ بها على عدم حجّيّة خبر الواحد: فيمكن تقسيمها إلى طائفتين:

الاُولى: ما دلّت على عدم جواز العمل بالأخبار التي لم يعلم صدورها عنهم(عليهم السلام).

والثانية: ما دلّت على تحكيم الكتاب الكريم في قبول الأخبار ورفضها.

أمّا الطائفة الاُولى: فقد وجدنا روايتين بهذا المضمون:

الاُولى: ما عن محمّد بن عليّ بن عيسى: كتب إليه(1) يسأله عن العلم المنقول


(1) يعني أبا محمّد العسكريّ(عليه السلام).