المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

35


للواجب، وفي نفس الوقت يرخّص المولى بالترك بمثل جعل البراءة، إلّا إذا فرض حقيقة أنّ لوجود الفعل عدّة جهات بعدد المقدّمات، وأنّ إرادة المولى أو شوقه تعلّقت ببعض جهات الوجود لا جميعها، كما يتصوّر ذلك في باب الأجزاء. وهذا هو الذي يرد عليه إشكال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): من الفرق بين باب الأجزاء وباب المقدّمات، فتعدّد الجهات والتبعيض في الإرادة إنّما يتصوّر في باب الأجزاء لانبساط الوجود عليها، أمّا في باب المقدّمات فلا ينبسط الوجود عليها، كي يعقل التبعيض بهذا الشكل.

وإن شئت قلت: إنّه ينبغي أن يكون كلام المحقّق العراقي(رحمه الله) ناظراً إمّا إلى تقطّع الإرادة المتعلّقة بالفعل بلحاظ تعدّد المقدّمات، أو إلى اختلاف درجات الإرادة الإلزاميّة، فبعضها يدعو المولى إلى إيجاد المقدّمة الاُولى مثلاً فحسب، وبعضها يدعوه إلى إيجاد كلتا المقدّمتين، أو إلى تبعيض الإرادة باختلاف الحالات بمعنى عدم فعليّة الإرادة في مرتبة الجهل بالحكم.

والأوّل يرد عليه: ما مضى عن اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) من عدم انبساط وجود الشيء على مقدّماته، كي يتصوّر التقطيع والتبعيض في الإرادة.

والثاني يرد عليه: أنّ هذا إن تمّ فإنّما يبرّر عدم حفظ المولى للمقدّمة الثانية، ولكن لا يبرّر تصدّيه للترخيص في الخلاف.

والثالث يرد عليه: أنّ هذا هو عين العجز عن الجمع بين الحكم الظاهريّ والواقعيّ.

لايقال: إنّنا نختار الثاني ونقول: إنّ البراءة الشرعيّة إخبار عن عدم جعل الاحتياط، لا ترخيص في الخلاف، والتأمين إنّما يتمّ بالبراءة العقليّة.

فإنّه يقال: إنّ مفاد البراءة الشرعيّة هو الترخيص في الخلاف، ولذا يتمسّك بها حتّى لو لم نقل بالبراءة العقليّة، ولذا مَن رأى عدم جريان البراءة العقليّة في الأقلّ والأكثر