المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

349

عصر التشريع بين تخصيص الدليل المتأخّر تخصيصاً أفراديّاً ـ وأعني به: ما فيمقابل التخصيص الأزمانيّ أو النسخ ـ وتخصيص الدليل المتقدّم تخصيصاً أزمانيّاً ـ وأعني به: النسخ ـ فالمتعيّن هو النسخ. وسيأتي البحث عن مدى صحّة هذه الكبرى في بحث التعادل والتراجيح إن شاء الله.

فإن تمّت هاتان المقدّمتان، أعني: الصغرى والكبرى، فالنتيجة هي ناسخيّة آيات الحجّيّة لآيات نفي الحجّيّة.

وإن لم تتمّ هاتان المقدّمتان فقد يفرض إنكار الصغرى مع تسليم الكبرى بأن نقول: إنّ آيتي النبأ والنفر وإن كانتا ناسختين لآيات نفي الحجّيّة بناءً على تأخّرهما عنها في النزول، ولكن لم يثبت كون الآيات النافية للحجّيّة مكّيّة. وقد ورد: أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)كان إذا نزل الوحي قد يأمر بإدراج الآية في سورة سابقة ويختار لها موضعاً مناسباً، فلعلّ الآيتين مدنيّتان، وإنّما اُدرجتا في سورة مكّيّة بالتعبّد من رسول الله(صلى الله عليه وآله). إذن فالصغرى غير تامّة. وعندئذ نقول: لو كانت آيات الحجّيّة في علم الله هي المتأخّرة زمناً، فهي ناسخة لآيات نفي الحجّيّة؛ لأنّ المفروض تسليم الكبرى. ولو كانت آيات نفي الحجّيّة هي المتأخّرة زمناً في علم الله، لم نحتمل كونها ناسخة لآيات الحجّيّة؛ إذ كيف يقع مثل هذا النسخ ولا يقول به ولا يبدي احتماله أحد من المسلمين أصلاً، وإنّما هم بين قائل بعدم حجّيّة خبر الواحد وقائل بجعل الحجّيّة وعدم نسخها، ولم ترد بهذا النسخ رواية صحيحة ولا ضعيفة لا من طرق الشيعة ولا من طرق السنّة مع أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان يفسّر الآيات ويبيّن المقصود منها. وهذا كلّه ممّا يوجب الاطمئنان والعلم بعدم نسخ الحجّيّة. وهذا بخلاف العكس، فإنّ ناسخيّة دليل الحجّيّة لدليل عدم الحجّيّة أمر محتمل، بل معنى القول بالحجّيّة هو النسخ دائماً، وكلّ مَن يقول بحجّيّة خبر الواحد يقول ـ لا محالة ـ بأنّ حجّيّته نسخت عدم حجّيّته؛ لأنّه من المعلوم أنّ حجّيّته لم تنزل مع نبوّة رسول الله(صلى الله عليه وآله)في ساعة واحدة.

فظهر: أنّ آيات الحجّيّة إن كانت متأخّرة عن آيات نفي الحجّيّة، فهي ناسخة