المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

345

الحقّ شيئاً، فهذا الاعتقاد لا يغني من الحقّ شيئاً. فظهوره في كونه تعليلاً بقاعدة كبرويّة مركوزة في الأذهان يؤكّد عمومه لا تخصيصه بخصوص المورد أو إجماله.

والتحقيق في مقام الجواب عن هذه الآية وجوه ثلاثة:

الأوّل ـ وهو المهمّ ـ: أنّ هذه الآيات لا دلالة لها في نفسها على نفي الحجّيّة.

أمّا قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ فظاهر النهي فيها أنّه نهي إرشاديّ إلى ما يستقلّ به العقل: من عدم جواز الاستناد في العذر وأداء المسئوليّة إلى غير العلم، بمعنى أنّه يجب أن يكون السند المباشر للإنسان ورأس الخيط لما يعتمد عليه هو العلم. ودليل حجّيّة خبر الواحد لابدّ أن ينتهي إلى العلم حقيقة، بحيث يكون السند المباشر لنا في العمل به هو العلم، وهذا ما لم تنه عنه الآية الكريمة، فيكون دليل حجّيّة خبر الواحد وارداً على الآية. نعم، العمل بخبر الواحد استناداً إلى إفادته للظنّ بالواقع منهيّ بالآية المباركة، أمّا العمل به استناداً إلى العلم بحجّيّته فهو غير منهيّ بها.

والشبهة التي يمكن طرحها في المقام: من أنّ النهي ظاهر في النهي المولويّ فلا مبرّر لحمله على النهي الإرشاديّ أو فرض الإجمال، إنّما يكون لها مجال على مستوى البحث العلميّ(1) لولا ذيل الآية المباركة وهو قوله تعالى: ﴿إِنَّ السَّمْعَ


(1) كأنّه إشارة إلى أنّ هذه الشبهة ليست عدا نقاش علميّ، ولا واقعيّة لها حتّى بغضّ النظر عن ذيل الآية، فإنّ النهي بحسب معناه الطبيعيّ ليس له ظهور في المولويّة، وإنّما ينشأ هذا الظهور من سياق حال المولى، حيث إنّ ظاهر حاله أنّه إنّما يخاطب العباد بما هو مولى لهم، فإنّ هذا هو الذي يكون من شأن المولى لا كخطاب أيّ إنسان اعتياديّ مع الآخرين. وهذا الظهور ـ كما ترى ـ لا يمنع عن حمل النهي في المقام على الإرشاد؛ إذ من شأن المولى أيضاً إرشاد العبد إلى الالتزام بما تقتضيه مولويّته، كالتنبيه على طاعة الله تعالى وترك معاصيه.