المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

344

الصورة الثانية يكون انتفاء وجوب التبيّن بانتفاء الموضوع، وفي الصورة الاُولى يكون ذلك بحجّيّة خبر العادل، فكما يمكن تخصيص الآيات السابقة بإخراج خبر العادل عنها كذلك يمكن تخصيص مفهوم آية النبأ بإخراج صورة مجيء العادل بنبأ عنه.

بل فرض مجيء العادل بنبأ ينقسم إلى فرضين: فرض حصول العلم به، وعدمه، ففي فرض العلم لا يبقى مورد للتبيّن، وفي فرض عدم العلم لا يجب التبيّن للحجّيّة التعبّديّة، ومن الممكن إخراج هذا الفرض من مفهومها بتلك الآيات.

وبهذا البيان الأخير يتّضح: أنّ آية النفر لو تمّت دلالتها على حجّيّة خبر الواحد لم تكن أخصّ من آيات النهي عن العمل بغير العلم، فإنّها تدلّ على مطلوبيّة الحذر عند الخبر سواء أوجب العلم أو لا، فكما يمكن تخصيص تلك الآيات بها كذلك يمكن العكس بإخراج فرض عدم العلم من آية النفر.

الثالث: دعوى أنّ هذا النهي ورد في اُصول الدين، وليس له إطلاق يشمل فروع الدين. وقال صاحب الكفاية(رحمه الله): إنّ الظاهر منها أو ـ على الأقلّ ـ القدر المتيقّن منها هو النهي عن موارد اُصول الدين، فلا تشمل محلّ الكلام.

أقول: أمّا آية النهي عن العمل بغير العلم فهي خطاب ابتدائيّ من دون أن تكون في مورد مّا أصلاً، وليس في سياقها سابقاً أو لاحقاً ما يدلّ على كونها واردة في اُصول الدين. وأمّا آية ﴿إنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً﴾فموردها وإن كان هو اُصول الدين، حيث تصف الآية بعض المعتقدين بالاعتقادات الفاسدة بأنّهم لا يتّبعون إلّا الظنّ، ثمّ تقول: ﴿إنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً﴾، لكنّك ترى أنّ هذا الكلام بهذا الترتيب يكون له ظهور في العموم، فإنّه ظاهر في النهي عن تلك العقيدة الباطلة وتعليل ذلك بقاعدة عامّة مركوزة في الأذهان بنحو ترتيب الصغرى والكبرى، أي: أنّ اعتقادهم في المقام اعتقاد ظنّيّ، وكلّ ظنّ لا يغني من