المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

343

الثاني: أنّنا لو غضضنا النظر عن الحكومة وفرضنا أنّ دليل حجّيّة خبر الواحد لا يتكفّل جعل العلم والطريقيّة، بل يتكفّل جعل الحكم المماثل مثلاً، فأدلّة حجّيّة خبر الواحد تتقدّم على تلك الآيات بالأخصّيّة؛ لأنّها واردة في مطلق الظنّ، وتلك الأدلّة تختصّ بخبر الواحد.

وهذا الكلام بهذا النحو من الإهمال غير صحيح، بل لابدّ من استحضار الصور التفصيليّة لأدلّة حجّيّة خبر الواحد كي يرى أنّ هذا الجواب يتمّ بلحاظها أو لا؟ وباستحضار تلك الصور يعرف أنّ الجواب بالأخصّيّة يتمّ بلحاظ بعضها، ولكن بعضها الآخر ـ لو تمّت دلالته ـ لا معنى لتقديمه على الآيات بالأخصّيّة.

فسيرة العقلاء مثلاً ـ إن تمّت دليلاً على حجّيّة خبر الواحد ـ يجب أن يرى أنّها هل هي في الاستحكام بمرتبة لا تعدّ مثل هذه الآيات ردعاً لها، أو لا؟ فعلى الأوّل تقدّم على الآيات وإن فرضت غير أخصّ. وعلى الثاني لا تقدّم عليها وإن فرضت أخصّ.

وآية النبأ إن تمّت دليلاً على حجّيّة خبر الواحد، فنسبتها إلى تلك الآيات عموم من وجه، فإنّ أحسن تقريب لثبوت المفهوم لها ـ وإن كان المختار عدم ثبوت المفهوم لها ـ هو: أنّها تدلّ بمفهوم الشرط على عدم وجوب التبيّن عند عدم مجيء الفاسق بنبأ، وهذا يشمل بإطلاقه صورتي مجيء العادل بنبأ وعدمه، ففي


العمل بغير العلم، وكذلك لو اُستفيد من ذاك اللسان التنزيل منزلة العلم. نعم، يبقى الإشكال في أصل المبنى بأن يقال: إنّ جعل العلم التعبّديّ لا أثر له؛ لأنّ الأثر كان للعلم الوجدانيّ، وأنّ روح المستفاد من الدليل ليس عدا الاهتمام بالأغراض الواقعيّة، لا جعل العلم ولا التنزيل منزلة العلم، وليست هذه عدا صياغات تعبيريّة تشير إلى ذاك المعنى.